تبرعوا تبرعك ينقذ حياة للتواصل واتس 00201098455601
دعوة للإنضمام لأسرتنا
لن يستغرق سوى ثوان معدوده _ لن تكتمل سعادة منتدى برامج نت الا بانضمامك اليها

اسم العضو
كلمة السر تأكيد كلمة السر البريد الإلكتروني تأكيد البريد الإلكتروني



هل انت موافق على قوانين المنتدى؟

    

قلعه برامج نت للشروحات    برامج مجانيه 

شرقية سات من اكبر منتديات الدش والريسيفرات وكروت الستالايت والشيرنج


العودة   منتديات برامج سات برامج نت Braamj Sat > برامج نت > الاسلامي مشاهده وتحميل اسلاميات Islamic

الاسلامي مشاهده وتحميل اسلاميات Islamic المواضيع المميزه بالمنتديات الإسلامية منتدى العلوم الشرعية منتدى السيرة النبوية الشريفة منتدى التاريخ الإسلامي منتدى المرأة المسلمة روضة المنتديات الإسلامية بإشراف zoro1 , messaide saadne , عبد العزيز شلبي nadgm ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين


آخر 30 مشاركات

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-02-2022, 08:46 PM   #1
فريق منتدى الدي في دي العربي
مشرف ♥ ♥ برامج سات برامج نت مراقب من خلاله
 
الصورة الرمزية فريق منتدى الدي في دي العربي
 
تاريخ التسجيل: Feb 2016
الدولة: عمان الاردن
المشاركات: 95,289
معدل تقييم المستوى: 104
فريق منتدى الدي في دي العربي is on a distinguished road
افتراضي علمتني مدرسة الزراعة
انشر علي twitter

علمتني مدرسة الزراعة
الشيخ محمد عبدالتواب سويدان

الحمد لله الذي فقَّه من أراد به خيرًا في الدين، أحمده حمدًا يفوق حمد الحامدين، وأشكُرُه على نعمه التي لا تُحصى وإياه أستعين، وأستغفره وأتوب إليه وأتوكل عليه إنه يحب المتوكلين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وبذلك أُمرت وأنا من المسلمين، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسوله، الذي أرسى قواعد الشرع وبيَّنها أحسن تبيين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:
فيا أيها الكرماء الأجلاء، تعدُّ الزراعة مهنة من أجلِّ المهن اللازمة لحياة البشرية، وآية من آيات الله، وسبيلًا لترسيخ الإيمان في القلوب، ودليلًا على وحدانية الله عز وجل؛ فهو الذي خلقها ونمَّاها، وأخرج منها الثمار والحبوب، فلكل نبتة، ولكل شجرة، ولكل ورقة، ولكل ثمرة، أمرٌ من الله بالخلق، وأمر بالبقاء، وأمر بالنفع والضر؛ أما دور البشر فهم يحرثون، ويلقون الحب الذي خلقه الله في الأرض التي خلقها الله، ويسقونه بالماء الذي خلقه الله، ثم ينتهي دورهم؛ يقول الله سبحانه: ﴿ وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ * وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ * لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ ﴾ [يس: 33 - 35].

ويقول جل وعلا: ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ * أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴾ [الواقعة: 63، 64].

وتعدُّد أنواع الزرع آية من آيات الله: فهذا حَبٌّ، وهذا ثمرٌ، وهذا زهرٌ، وهذا عشب، وهذه فاكهة وهذه خضر، وهذا معروش، وهذا غير معروش، وهذا حلو، وهذا حامض، وهذا رطب، وهذا يابس، وزرع ونخيل، وعنب وزيتون، وفواكه مختلفة، وأعشاب متنوعة؛ قال تعالى: ﴿ فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ * أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا * ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا * فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبًّا * وَعِنَبًا وَقَضْبًا * وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا * وَحَدَائِقَ غُلْبًا * وَفَاكِهَةً وَأَبًّا * مَتَاعًا لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ ﴾ [عبس: 24 - 32].

وقال: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشَاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشَاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفًا أُكُلُهُ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُتَشَابِهًا وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ ﴾ [الأنعام: 141].

وجاءت أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لتحث المسلمين على الزراعة وبيان منافعها؛ فلقد حث على الغرس والزراعة حتى في أشد المواقف وأصعبها؛ فعن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلةٌ، فإن استطاع ألَّا يقوم حتى يغرسها فليفعل))؛ [رواه أحمد في المسند، والبخاري في الأدب المفرد].

ونهى صلى الله عليه وسلم عن ترك الأرض بورًا من غير زرع؛ فقال: ((من كانت له أرض فليزرعها، أو ليمنَحها أخاه، فإن أبى فليُمسك أرضه))؛ [رواه البخاري، ومسلم].

وجعل الحبيب المصطفى من الأجر والثواب للمزارعين ما لا يعلمه إلا الله؛ فقال عليه الصلاة والسلام: ((ما من مسلم يغرس غرسًا أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طيرٌ أو إنسان أو بهيمة، إلا كان له به صدقة))؛ [رواه البخاري].

وفي رواية مسلم: ((وما سُرق له منه صدقة ... ولا يرزؤه أحد - أي: يأخذ منه وينقصه - إلا كان له صدقة)).

وقال عليه الصلاة والسلام: ((ما من شيء يُصيب زرعَ أحدكم من العوافي، إلا كتب الله له به أجرًا))؛ [المعجم الكبير للطبراني].

وقد صرَّح النبي صلى الله عليه وسلم بأن الغرس من الأعمال التي تبقى للرجل بعد موته؛ فقال صلى الله عليه وسلم: ((سبعة يجري على العبد أجرهن بعد موته في بره: من علم علمًا، أو أكرى نهرًا، أو حفر بئرًا، أو غرس نخلًا، أو بنى مسجدًا، أو ورث مصحفًا، أو ترك ولدًا يستغفر له))؛ [أخرجه البزار وأبو نعيم].

أيها المسلمون: الزراعة مدرسة أخلاقية تعلمنا مجموعة من مكارم الأخلاق؛ منها:
حسنُ التوكل على الله عز وجل مع الأخذ بالأسباب: إن المزارع يضع الحبة في الأرض ويرويها بالماء الذي سخَّره الله له، ويهيئ لها الأرض التي هيَّأها الله عز وجل له، ويستخدم الآلات التي أنعم الله بها عليه، ويأخذ بالأسباب متوكلًا على الله؛ لكنه يعلم أنها تنبت بإذن من؟ وبإرادة من؟ تنبت بإذن الله وبإرادة الله، وتثمر بإذن الله وبإرادة الله، ولولا إرادته ما أنبتت ولا أثمرت، وهذا من حسن التوكل على الله سبحانه: ﴿ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ ﴾ [الشعراء: 78 - 82].

نقل النووي في المجموع: "قال الماوردي: أصول المكاسب الزارعة والتجارة والصنعة، وأيها أطيب؟ قال (الماوردي): والأشبه عندي أن الزراعة أطيب؛ لأنها أقرب إلى التوكل".

وذكر الشاشي وصاحب البيان وآخرون نحو ما ذكره الماوردي وأخذوه عنه: "ثم ذكر النووي حديث المقدام بن معديكرب رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ما أكل أحد طعامًا قط خيرًا من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده))؛ [رواه البخاري]، ثم قال: "فالصوابُ ما نص عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عمل اليد، فإن كان زراعًا فهو أطيب المكاسب وأفضلها؛ لأنه عمل يده، ولأن فيه توكلًا، كما ذكره الماوردي".

أيها المسلمون، التوكل على الله من أجلِّ المقامات، ومن أعظم الواجبات والعبادات، ومعناه الاعتماد على الله، والثقة به، وتفويض الأمور إليه؛ قال عبدالله بن عباس رضي الله عنه: "التوكل هو الثقة بالله، وصدق التوكل أن تثقَ في الله وفيما عند الله، فإنه أعظم وأبقى مما لديك في دنياك"، وقال ابن رجب: "هو صدقُ اعتماد القلب على الله عز وجل في استجلاب المصالح، ودفع المضار من أمور الدنيا والآخرة كلها".

وقد أمرَ الله به المؤمنين، والقرآن الكريم زاخر بالآيات؛ قال سبحانه: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المائدة: 11]، وقال تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 23]، وأمر الله تعالى به نبيه صلى الله عليه وسلم؛ فقال: ﴿ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا ﴾ [الأحزاب: 48]، وقال سبحانه: ﴿ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّكَ عَلَى الْحَقِّ الْمُبِينِ ﴾ [النمل: 79].

والتوكل الصحيح على الله تعالى معناه: الاعتماد عليه سبحانه، وتفويض الأمور كلها إليه، لأنه الكفيل بأمور عباده، والقادر على كل شيء، مع السعي في الأسباب التي أمر الله سبحانه وتعالى بها، والمسلم مطالب بالتوكل على الله والسعي والأخذ بالأسباب المشروعة؛ قال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ ﴾ [الملك: 15]، وقال: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ ﴾ [الأنفال: 60].

وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لو أنكم تتوكلون على الله حقَّ توكُّله، لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصًا - تذهب جياعًا - وتروح بطانًا؛ أي: ترجع بطونها مُلئت بالطعام))؛ [رواه الترمذي].

قال ابن رجب في كتاب (جامع العلوم والحكم): "هذا الحديث أصل في التوكل".

وقال الطيبي: "قوله: (حق توكله) بأن يعلم يقينًا بأن لا فاعل إلا الله، وأن كل موجود من خلق ورزق، وعطاء ومنع، وحياة وموت، وغنى وفقر، وغير ذلك - من الله تعالى، ثم يسعى في الطلب على الوجه الجميل، يشهد لذلك تشبيهه بالطير، فإنها تغدو خماصًا، ثم تسرح في طلب القوت فتروح بطانًا".

وقال ابن حجر في (فتح الباري): "المراد بالتوكل اعتقاد ما دلت عليه هذه الآية: ﴿ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ﴾ [هود: 6]، وليس المراد به ترك التسبب والاعتماد على ما يأتي من المخلوقين؛ لأن ذلك قد يجر إلى ضد ما يراه من التوكل، وقد سُئل أحمد عن رجل جلس في بيته، أو في المسجد وقال: لا أعمل شيئًا حتى يأتيني رزقي، فقال: "هذا رجل جهل العلم".

وروى ابن أبي الدنيا والبيهقي في الشعب بسند صحيح عن معاوية بن قرة، أن عمر بن الخطاب، لقي ناسًا من أهل اليمن، فقال: من أنتم؟ قالوا: نحن المتوكلون، قال: "بل أنتم المتواكلون، إنما المتوكل الذي يلقي حبه في الأرض، ويتوكل على الله".

ولقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم - وهو إمام وسيد المتوكلين على الله - يستفرغ الوسع والجهد في الأخذ بالأسباب، مع كمال توكله واعتماده على ربه، والمتأمل لحياة وسيرة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يدرك عظم توكله على ربه.

وهذا التوكل لا ينافي أو يتعارض مع أخذه بالأسباب، فكان يتزود في أسفاره، ويعد السلاح في حروبه، وقد أعد النبي للهجرة ما أمكن مع صاحبه من اختيار الوقت المناسب، وإعداد وتجهيز الراحلتين والزاد، وحسن اختيار دليل السفر الذي كان يدلهما على الطريق الصحيح، والذي كان يأتي بالغنم ليخفي آثار سيرهما، وغير ذلك من أسباب، وقد لبس يوم أحد درعين مع كونه من التوكل بمكان لم يبلغه أحد من خلق الله تعالى.

و"المتوكل" من أسماء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم؛ عن عطاء بن يسار رضي الله عنه قال: ((لقيت عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قلت: أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، قال: أجل، إنه لموصوف في التوراة ببعض صفته في القرآن: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا ﴾ [الأحزاب: 45]، وحرزًا للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل ...))؛ [رواه البخاري].

ومن مدرسة الزراعة تعلمت الأمانة: ففي يد المزارع أمانة هي قوام الحياة للناس جميعًا، وهذه الأمانة يجب رعايتها، لقد كانت سببًا في نجاة بلاد من الفقر والقحط الشديد؛ هذا سيدنا يوسف يفسر رؤيا عزيز مصر التي أزعجته: ﴿ قَالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَبًا فَمَا حَصَدْتُمْ فَذَرُوهُ فِي سُنْبُلِهِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تَأْكُلُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ سَبْعٌ شِدَادٌ يَأْكُلْنَ مَا قَدَّمْتُمْ لَهُنَّ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّا تُحْصِنُونَ * ثُمَّ يَأْتِي مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ ﴾ [يوسف: 47 - 49]، فلما نفذوا ما نصحهم به نجوا بإذن الله.

ومن مدرسة الزراعة تعلمت:
الشكر لله عز وجل وعدم جحود النعمة وإخراج حق الله: لأن الإنسان يرى نعمة الله كل يوم بين يديه، وهو يرعى زرعه؛ فيدوم شكره لربه؛ وفي قصة صاحب الجنتين العبرة والمثل: ﴿ وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا ﴾ [الفاتحة: 32]، فقد جحد نعمة الله ونصحه صاحبه المؤمن: ﴿ وَلَوْلَا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾ [الكهف: 39]، ولما لم ينتصح كانت النتيجة: ﴿ وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنْفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا ﴾ [الكهف: 42].

وذكر الله لنا قصة أصحاب الجنة لنعتبر؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ * وَلَا يَسْتَثْنُونَ * فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ * فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ ﴾ [القلم: 17 - 20].

كان هناك رجل صاحب بستان بقرية يقال لها: "ضروان" قريبة من صنعاء، كان يأخذ منها قوت سنته، ويتصدق بالباقي على الفقراء، فلما مات الرجل، قال أبناؤه: إن فعلنا ما كان يفعل أبونا ضاق علينا الأمر، ونحن أصحاب عيال، فقرروا أن يقطفوا ثمار الحديقة مبكرًا قبل أن يستيقظ الناس، وحتى لا يراهم أحد من المساكين والفقراء، وعزموا ألا يستثنوا أحدًا منهم، وكان بينهم أخ عادلٌ، وخير منهم نصحهم بأن يتوبوا عن هذه العزيمة الخبيثة بقطع الثمار فعصوه، وعاقبهم الله، فأحرق لهم جنتهم، وصارت أرضًا بيضاءَ بلا شجر ولا ثمر، قال الحسن: إنهم كانوا كفارًا، فأنزل عليهم هذا البلاء وهم نائمون، فلما رأوا أنهم قد حُرموا من ثمرها بمنع للفقراء، فذكَّرهم أخوهم وعايرهم بأنهم لم يسمعوا نصيحته، فاستغفروا الله عسى أن يتقبل منهم توبتهم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم.

الخطبة الثانية
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلامًا على عباده الذين اصطفى؛ أما بعد:
فيا أيها الأحبة الكرام: ما زلنا مع مدرسة الزراعة فأقول:
ومن مدرسة الزراعة تعلمت: أن أكون نافعًا أينما كنت: وفي حديث تشبيه المؤمن بالنخلة خير دليل؛ وذلك ((أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يومًا مع بعض أصحابه، فقال: إن من الشجر شجرةً لا يسقط ورقها، وإنها مَثَل المسلم، فحدثوني ما هي؟ فوقع الناس في شجر البوادي، فقال عبدالله بن عمر: ووقع في نفسي: أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ فقال: هي النخلة، قال: فذكرت ذلك لعمر، قال: لأن تكون قلت: هي النخلة، أحب إليَّ من كذا وكذا))؛ [متفق عليه واللفظ لمسلم].

وفي هذا الحديث: التنبيه على فضل المؤمن، وكثرة نفعه، فلم يشبهه إلا بأحسن الشجر، وخير النبات؛ وشبهه هنا بالنخل، وشبهه في حديث آخر بالكرم، وهو شجر العنب؛ لما فيهما من كثرة النفع والخير.

فمن أوجه الشبه بين المؤمن والنخلة: ثبات إيمانه في قلبه، كثبات أصل النخلة في الأرض؛ قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا ﴾ [إبراهيم: 24، 25].

فلا تحطِّمه الفتن، ولا تُزعزعه الشبهات، فهو كالنخلة التي تهب عليها الأعاصير والرياح، ثم تنجلي، وإذا النخلة صامدة ثابتة قائمة، وهكذا المؤمن الصادق في ثباته على الحق لا تفتنه رغبة ولا رهبة عن الحق الذي يدين الله به.

وفي مسند البزار عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مثلُ المؤمن مثل الزرع لا تزال الريح تُميله، ولا يزال المؤمن يُصيبه بلاء)).

ومن شبهه بالنخلة: أنها من أصبر الشجر، فتحتمل كثيرًا من العوارض والآفات التي تموت بسببها كثير من الأشجار، وهكذا المؤمن في صبره على مرضاة ربه، وصبره على اجتناب نهيه، وصبره على أقدار الله وقضائه.

ومن شبهه بالنخلة: أن النخلة مباركة الأجزاء، يُنتفَع بعروقها وجذعها وأوراقها وثمرتها، وكل ما فيها، وهكذا المؤمن مبارك كله؛ ونفعه متعدٍّ، فالمؤمن من أنفع الخلق للخلق، فتراه كالغيث حيثما وقع نفع، يعلم الجاهل، ويذكر الغافل، ويأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويغيث الملهوف، ويعين على نوائب الدهر، فهو ينفع الناس بعلمه، وينفعهم بماله، وينفعهم بجاهه، وينفعهم بكلامه وبأعماله.

وقد جاءت النصوص الصحيحة حاثة على الإحسان والنفع فيما أذِن الله فيه؛ كتفريج الكربات وتنفيسها، والمشي في قضاء الحوائج، وجاء في السنة ما يدل أن الحرص على النفع والإحسان من أسباب محبة الله للعبد، ففي الحديث: ((أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تُدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينًا، أو تطرُد عنه جوعًا، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إليَّ من أن أعتكف في المسجد شهرًا))؛ [الحديث].

وفي حديثٍ آخرَ: ((المؤمنُ يألَف ويؤلَف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف، وخير الناس أنفعهم للناس))؛ [الألباني في السلسلة الصحيحة].

فاتَّقوا الله تعالى الذي خلَقكم ورزَقكم ورباكم، والذي أطعمَكم وكفاكم وآواكم، والذي أنقذكم من الرَّدى وهداكم، وتوكَّلوا حقَّ التوكل عليه في إصلاح دينكم ودنياكم.

اللهم ارزُقنا التوكل عليك، وحسن الاعتماد عليك، اللهم ارزُقنا الثقة فيك، وحسن الظن بك، واليقين فيما عندك، يا أرحم الراحمين ويا أكرم الأكرمين، اللهم اجعلنا ممن توكَّل عليك فكفيته، واستعان بك فأعنتَه، واستهداك فهديتَه، ودعاك فأجبتَه، وسألك فمنحتَه وأعطيته، يا رب العالمين.

وصلِّ اللهم وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين؛ وأقم الصلاة.



__________________

من مواضيع فريق منتدى الدي في دي العربي

فريق منتدى الدي في دي العربي متواجد منذ قليل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
لا يوجد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML متاحة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
علمتني سورة يوسف فريق منتدى الدي في دي العربي المنتديات التعليمية Educational 0 12-06-2017 08:32 AM
"الزراعة": الموافقة على 2096 مشروعا للنفع العام منها 1262 مدرسة ومعهد أزهرى تركي السعوديه الأخبار العام الإعلامي Main 0 09-05-2017 10:18 AM
كورتني كوكس :علمتني ابنتي إعادة التدوير تركي السعوديه المنتدى الفضائي العام Main 0 03-19-2017 07:17 AM
أهالى كفر الشيخ يطالبون وزير الزراعة بتخفيض ثمن قطعة أرض لبناء مدرسة ثانوية تركي السعوديه الأخبار العام الإعلامي Main 0 03-15-2016 01:40 PM
علمتنى الحياة الا اكون فريسه سهله المنال من تصميمى فريق منتدى الدي في دي العربي المنتديات التعليمية Educational 0 03-11-2016 01:21 PM

 
أخر الموضوعات
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة zoro1
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة روايدا
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Hosam1000
- بواسطة Abo Zayed
- بواسطة Abo Zayed

استطلاع
ما هى الاقتراحات التى تريد أن تقدمها لتطوير خدمات و تصميم شبكة عالم الانترنت
هذا التصويت مفتوح (مرئي) للجميع: كافة الأعضاء سيشاهدون الإختيار الذي قمت بتحديده ، فيرجى الإنتباه إلى هذه النقطة .

إعلانات
فيسبوك

إدعموا منتدى الدي في دي في ترتيب أليكسا :: الدال على الخير كفاعله ::حديث نبوي صحيح::

إدعموا الدي في دي في ترتيب أليكسا :: الدال على الخير كفاعله ::

فيسبوك

لوحة اعلانية
::صفحات صديقة :: معهد ترايدنت :: منتدى برامج نت :: برامج المشاغب - ملتقى العلماء وطلبة العلم - الريان تيوب - جريدة الديار -عمال مصر- قهوة الصحفيين - جريده اخبار بتروجت :: للإعلان :: واتس 00201558343070 بريد إلكتروني [email protected] أو يمكن التواصل معنا مباشرة عبر نموذج الاتصال بنا علي الرابط الآتي https://dvd4araab.com/vb/sendmessage.php للتواصل عبر الواتس https://chat.whatsapp.com/Bekbfqlef3ZInj31Jhk99j


تنبيه للاعضاء تود إدارة المنتدى ان تؤكد لكافة الاخوة الاعضاء بانه يمنع نشر أي مادة إعلامية تسيء للاديان أو تدعو للفرقة المذهبية او للتطرف ، كما يحظر نشر الاخبار المتعلقة بانشطة الارهاب بكافة اشكاله اوالدعوة لمساندته ودعمه، حيث ان ذلك يعتبر خروج صريح عن سياسة المنتدى ، كما قد يعرض المشارك الى المساءلة النظامية من الجهات الرسمية ذات العلاقة، شاكرين ومقدرين للجميع حسن التزامهم باهداف ومبادىء المنتدى.


الساعة الآن 10:47 PM

converter url html by fahad

 



Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir
Adsense Management by Losha

هذا الموقع يتسخدم منتجات Weblanca.com
Ads Management Version 3.0.1 by Saeed Al-Atwi

Developed By Marco Mamdouh
Please seek an excuse for DVD FORUM it is not responsible for the coming of topics by members and put the responsibility entirely on the subject's owner , DVD FORUM is open forum for members to put different subjects in striving for a review of topics, according to general laws for the protection of property . If there are any company or institution has a problem with one of the topics, please contact us. DVD FORUM is not responsible for any topics written within the forum. Only the author of the topic bears full responsibility for the topic he submitted. If you encounter any problem arises in the content, please email us

Security team

DMCA.com Protection Status

هذا الموقع يستعمل منتجات MARCO1

All Rights Reserved WaelDesign © 2010/2011

1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 54 55 56 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 74 75 76 77 78 79 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 136 137 138 139 140 141 142 143 144 145 146 147 148 149 150 151 152 153 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 179 180 181 182 183 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 202 203 204 205 206 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 285 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303