الاسلامي مشاهده وتحميل اسلاميات Islamicالمواضيع المميزه بالمنتديات الإسلامية منتدى العلوم الشرعية منتدى السيرة النبوية الشريفة منتدى التاريخ الإسلامي منتدى المرأة المسلمة روضة المنتديات الإسلامية
بإشراف zoro1 , messaide saadne , عبد العزيز شلبي nadgm
ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين
الحمدُ لله الرحيم الرحمن، علَّم القرآن، خلق الإنسان، علَّمَه البيانَ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، أنزل الْقُرْآن هُدًى للنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ، وأشهد أن نبينا محمدًا عبدُه ورسولُه، سيد ولد عدنان، صلى عليه الله وملائكته والمؤمنون، وعلى آله وأزواجه وخلفائه وجميع أصحابه ومَنْ تَبِعَهم بإحسان؛ أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، واستمسكوا بدينه، واعلموا أن معيار الرضا هو البلاء، وإلا فالنعيم مرضيّ على كل حال، أما البلاء فالغريزة تمنع الرضا به ما لم يأتِها دافعٌ من خارجها يُحبِّب لها الرضا، ويقلب مرارته حلاوةً، فالدواء كريهُ المَأْخَذ، رضيٌّ الغاية، وابتغاء الأجر والتقلُّب مع مراد الحبيب حيثما أراد، فأحبّه إليه أحبّه إليه، والعاقبة: ((فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا))[1].
وروى الطبراني في الكبير أن عمران بن حصين رضي الله عنه اشتكى، فدخل عليه جارٌ له، فاستبطأه في العيادة، فقال له: يا أبا نجيد، إن بعض ما يمنعني من عيادتك ما أرى بك من الجهد، قال: فلا تفعل، فإنَّ أحبَّه إليَّ أحبُّه إلى الله، فلا تبتئس لي بما ترى، أرأيت إذا كان ما ترى مجازاة بذنوب قد مضت، وأنا أرجو عفو الله على ما بقي، فإنه قال: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30][2].
ومن البشارات للعبد الصالح المريض أو العاجز عن صالحات أعمال كان قد اعتادها لسفر أو حبس أو غيره؛ أنَّ ثوابها يجري له وإن لم يعمل؛ كرامةً من الله وَجُودًا، قال صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا مَرِضَ العَبْدُ، أَوْ سَافَرَ، كُتِبَ لَهُ مِثْلُ مَا كَانَ يَعْمَلُ مُقِيمًا صَحِيحًا))[3]، فعلى المريض ومن في حكمه أن يصبر ويرضى، ويحمد ويشكر الله على هذا البلاء، فإن ذلك عبودية الضرّاء.
وخيرٌ للمؤمن أن تُعجَّل عقوبته في الدنيا – إذا لم يكتب له ربُّه مغفرة لها وعفوًا عنها – ويعظم التكفير، ويجلُّ الجزاء بحسب حجم الابتلاء، ودرجة وقوعه على العبد، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إِذَا أَرَادَ اللَّهُ بعبْدِهِ خَيْرًا عجَّلَ لَهُ الْعُقُوبةَ في الدُّنْيَا، وإِذا أَرادَ اللَّهُ بِعبدِهِ الشَّرَّ أمسَكَ عنْهُ بذَنْبِهِ حتَّى يُوافِيَ بِهِ [4] يومَ القيامةِ، وإِنَّ عِظَمَ الْجَزاءِ مَعَ عِظَمِ الْبلاءِ، وإِنَّ اللَّه تَعَالَى إِذَا أَحَبَّ قَومًا ابتلاهُمْ، فَمنْ رضِيَ فلَهُ الرِّضَا، ومَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ)) [5]، قال العثيمين رحمه الله: "الأمور كلُّها بيد الله عز وجل وبإرادته؛ لأن الله يقول عن نفسه: ﴿ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ ﴾ [البروج: 16]، ويقول: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18]، فكل الأمور بيد الله، والإنسان لا يخلو من خطأ ومعصية وتقصير في الواجب، فإذا أراد اللهُ بعبده الخيرَ عجَّل له العقوبة في الدنيا؛ إما بماله، أو بأهله، أو بنفسه، أو بأحد ممن يتصل به.
المهم أن تُعجَّل له العقوبة؛ لأن العقوبات تُكفِّر السيئات، فإذا تعجلت العقوبة، وكفَّر الله بها عن العبد؛ فإنه يوافي الله، وليس عليه ذنب، قد طهَّرته المصائب والبلايا، حتى إنه ليُشدّدُ على الإنسان موته لبقاء سيئة أو سيئتين عليه، حتى يخرج من الدنيا نقيًّا من الذنوب، وهذه نعمة؛ لأن عذابَ الدنيا أهونُ من عذاب الآخرة.
لكن إذا أراد الله بعبده الشر أمهل له، واستدرجه، وأدرَّ عليه النِّعَم، ودفع عنه النقم حتى يبطر ويفرح فرحًا مذمومًا بما أنعم الله به عليه، وحينئذٍ يُلاقي ربَّه وهو مغمور بسيئاته؛ فيُعاقب بها في الآخرة، نسأل الله العافية!
فإذا رأيتَ شخصًا يُبارز الله بالعِصيان، وقد وقاه الله البلاء، وأدرَّ عليه النِّعَم؛ فاعلم أن الله إنما أراد به شرًّا؛ لأنَّ الله أخَّر عنه العقوبة حتى يُوافي بها يوم القيامة.
ثم ذكر في هذا الحديث: ((أنَّ عِظَمَ الجزاء من عِظَم البلاء))؛ يعني: أنه كلما عظُمَ البلاءُ عَظُمَ الجزاء، فالبلاءُ السهلُ له أجْرٌ يسيرٌ، والبلاءُ الشديدُ له أجْرٌ كبيرٌ؛ لأن الله عز وجل ذو فضل على الناس إذا ابتلاهم بالشدائد أعطاهم عليها من الأجر الكبير، وإذا هانت المصائب هان الأجر.
وإنَّ اللهَ إذا أحبَّ قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرِّضا، ومن سخط فله السُّخْط، وهذه بُشرى للمؤمن إذا ابتُلي بالمصيبة، فلا يظن أن الله سبحانه يبغضه؛ بل قد يكون هذا من علامة محبة الله للعبد، يبتليه سبحانه بالمصائب، فإذا رضي الإنسان وصبر واحتسب فله الرِّضا، وإن سَخِط فله السَّخَط.
وفي هذا حثٌّ على أن الإنسان يصبر على المصائب حتى يُكتَب له الرِّضا من الله عز وجل، والله الموفق"[6].
"وقد تكون المصائبُ أكبرَ من المعائب ليصل المرء بصبره أعلى درجات الصابرين، والصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد.
والمراد بالرِّضا: الرضا بقضاء الله من حيث إنه قضاء الله، وهذا واجب بدليل قوله: ((ومَنْ سَخِطَ))، فقابل الرضا بالسخط؛ وهو عدم الصبر على ما يكون من المصائب القدرية الكونية.
ولم يقل هنا: فعليه السخط، مع أن مقتضى السياق أن يقول: فعليه، كقوله تعالى: ﴿ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ﴾ [فصلت: 46]؛ لأنها لام الاستحقاق؛ أي: صار عليه السَّخَط باستحقاقه له، فتكون أبلغ من "على"، كقوله تعالى: ﴿ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ ﴾ [الرعد: 25]؛ أي: حقَّت عليهم باستحقاقهم لها" [7]، وقوله: ((وإذا أرادَ اللهُ بعبدِهِ الشرَّ))، هنا سمّى الإمساك عن العقوبة شرًّا باعتبار العبد، وإلا باعتبار فعل الله فعَدْل[8]. [9]
ومعنى: ((أمسك عنه بذنبه)): الممسوك عنه هي البلايا والعقوبة. ((بذنبه)): الباء سببية، بمعنى أنه ما عاقبه بسبب ذنوبه، ولكن أمسك عنه العقوبة، وقد تكون بمعنى الاستحقاق؛ أي: مع أنه مستحق بذنبه، ونسب الذنوب إلى العبد؛ لأنها كسْبُه، وهذه الذنوب هي ما دون المكفرات، أما "حتى" هنا فهي لانتهاء الغاية؛ أي: إلى غاية أن يوافي به يوم القيامة.
وهل كل مصيبة علامةُ خيرٍ؟ لا، إلا إن وُفِّق إلى الصبر فهي علامة خير، وإن لم يصبر فهي علامة شرّ.
وقوله: ((إنَّ عِظَم الجزاءِ)): فإذا نظرت إلى هذه الكلمة «الجزاء» وآخر الحديث تبيَّن لك أن في هذا الحديث دلالةً على أن المصائب رافعةٌ للدرجات، ((مع عِظَم البلاء)): المعيّة هنا ليست معيّة مقترنة، وإنما الجزاء يأتي بعد البلاء؛ لأنه مُترتِّب عليه، وهل الجزاء مع كل بلاء مطلقًا؟ والجواب: لا، ليس كل بلاء معه جزاء إلا بشرطه، وشرطه هنا: الصبر والرضا[10].
وقوله: ((مع عِظَم البلاء))؛ أي: إن عِظَم البلاء معه عِظَم جزاء، هل هو باعتبار الكمية أو الكيفية؟ قد يكون هذا وقد يكون هذا.
((وإنَّ اللهَ تعالى إذا أحَبَّ قومًا)): فيه إثبات أن الله يحب، والمعطِّلة لا يثبتون المحبة لله تعالى، وقوله: ((قومًا)): هنا نكرة، والمقصود بقوم؛ أي: المؤمنين، والدليل: أن الله لا يحب الكافرين، وهؤلاء القوم محبوبون، وقوله: ((ابتلاهم))؛ أي: أصابهم ببلايا ومصائب، ورزقهم ما يثيبهم عليها ويثبتهم، ويدل هذا الحديث بالمفهوم أن قلة الجزاء مع قلة البلاء.
قوله: ((فمَنْ رَضِي)): هنا ذكر الرِّضا فهو يدل على الصبر وزيادة، وقوله: ((فله الرِّضَا)) هذا جزاء رضائه أن يرضى الله عنه، فيترتَّب على ذلك كثرةُ الثواب، ((ومَنْ سَخِط))؛ أي: كره، وما تبع الكراهة من أعمال الجوارح، ((فله السَّخَط))، فهذا جزاءً وفاقًا، فلما سخِطَ سخِطَ الله عليه، فيترتب على ذلك العقوبة، ودلَّ الحديث على فضل الرِّضا، وأنه يزيد في الدرجات، ويزيد في التوحيد"[11].
وههنا سؤال: كيف يُميِّز العبد في المقضيّ المؤلم (المصيبة) بين العقوبة والابتلاء؟
والجواب: أنَّ بينهما عمومًا وخصوصًا، فما كان على ذنب فهو عقوبة، ومنه قول الله عز وجل: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30]، وما لم يكن على سالف ذنب أو كان مغفورًا فهو محض الابتلاء، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مغفور الذنوب سالفها ولاحقها، ومع هذا فقد كان من أشدِّ الناس بلاءً، وهو القائل: ((أشَدُّ الناسِ بلاءً الأنبياءُ، ثم الأمْثَلُ فالأمْثَلُ، يُبْتلى الإنسانُ على حسَبِ دِينه، فإن كان في دِينه صلابةٌ زِيدَ في بلائه، وإن كان في دينه رِقَّةٌ خُفِّف في بلائه))[12]، وقد تكون المصيبة مستغرقةً للعقوبة والابتلاء، فتستنفد الذنب وتدخل في الابتلاء.
وكلُّ المصائب خيرٌ للمؤمن خلا مصيبة الدِّين، فالمصائب مُمَحِّصة، مُكفِّرة، رافعة للدرجة، مقرِّبة من الله، فالبلاء يجمع بين العبد وربِّه، والعافية تجمع بينه وبين نفسه، ويا بن آدم: لقد بورك لك في حاجة أكثرت فيها من قرع باب سيدك، وصدق البُسْتي رحمه الله إذ يقول:
الحمدُ لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه الداعي إلى رضوانه، أما بعد:
فاتقوا الله عباد الله، وارضوا به ربًّا وإلهًا ومدبِّرًا ومُقدِّرًا.
واعلموا أن فعل الله كُلُّه خيرُّ، قال صلى الله عليه وسلم: ((إذا أراد اللهُ بعبدِهِ الخيرَ عجَّل له العقوبةَ في الدنيا))؛ أي: يصبُّ عليه البلاء والمصائب؛ لما فرط من الذنوب منه، فيخرج منها وليس عليه ذنب يوافي به يوم القيامة.
قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى: "المصائب نعمة؛ لأنها مُكفِّرات للذنوب، وتدعو إلى الصبر، فيُثاب عليها، وتقتضي الإنابة إلى الله والذُّل له، والإعراض عن الخلق، إلى غير ذلك من المصالح العظيمة.
فنفس البلاء يُكفِّر الله به الخطايا، وهذا من أعظم النِّعَم، فالمصائبُ رحمةٌ ونِعْمةٌ في حق عموم الخلق، إلا أن يدخل صاحبها بسببها في معاصي أعظم مما كان قبل ذلك، فتكون شرًّا عليه من جهة ما أصابه في دينه، فإن من الناس من إذا ابتُلي بفقر أو مرض أو وجع حصل له من النفاق والجزع ومرض القلب أو الكفر الظاهر، أو ترك بعض الواجبات وفعل بعض المحرمات ما يوجب له ضررًا في دينه، فهذا كانت العافيةُ خيرًا له من جهة ما أورثته المصيبة لا من جهة نفس المصيبة، كما أن من أوجبت له المصيبة صبرًا وطاعة كانت في حقِّه نعمة دينية، فهي بعينها فعل الرب عز وجل ورحمة للخلق، والله تعالى محمودٌ عليها"[13].
وعليه؛ فالمصائب تُكفِّر الذنوب، أما حصول الثواب والأجر فهو بأسباب أخرى، كأن يكون بالصبر عليها، وكونها تحدث للإنسان إنابة إلى الله، وذل وتعلق به، ودعاء إليه، فهذا أمر آخر، أما المصيبة نفسها فهي كَفَّارة فقط، تكفر ما وقع منه، وليس فيها أنه يكتب له فيها الثواب، وإنما يكفر عنه بها ما وقع من المعاصي، وترك الطاعات الواجبة عليه إذا اتصل بها شيء سواء كان مما يدعو إلى الإنابة والتوبة والاستغفار والدعاء، فهذا أمر آخر يثاب عليه، أما إذا كانت سببًا للإعراض والتضجُّر والاعتراض على الله جل وعلا والسخط مما قضاه عليه، فإنها تكون مصيبةً أخرى ليس له فيها كَفَّارة، وربما وقعت منه مصيبة أكبر من المصيبة التي أصيب بها، فهذا يقع فيه كثيرٌ من الناس.
وبعض الناس يكون المرض الذي يقع فيه غير مُنبِّه له، بل يبقى على حالته التي هو عليها حتى تجده يترك الصلاة؛ لأن كونه مريضًا لا يستطيع أن يتوضَّأ ولا يستطيع أن يُصلي، وهذا يوجد في كثير من المرضى، وهذا خطرٌ عظيمٌ ومعصيةٌ كبيرةٌ، بل قد تكون كُفْرًا، نسأل الله العافية.
فالصلاةُ لا تسقط عن الإنسان بحال من الأحوال، وإذا مرض الإنسان فينبغي له أن يحرص على أداء الصلاة على حسب حاله ﴿ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا ﴾ [البقرة:286]، ولكن لا يترك الصلاة، وإن استطاع أن يتوضَّأ توضَّأ، وإن استطاع أن يُصلِّي قائمًا صلَّى قائمًا، وإن لم يستطِع الوضوء تيمَّم، فالتيمُّم ليس صعبًا، فإذا لم يكن عنده من يوضِّئه ويُعينه على وضوئه تيمَّم، فإن كان عنده من يفعل ذلك فإنه يجب عليه ذلك، أما إذا كان لا يستطيع أن يخرج فيوضع له قليل من التراب في إناء ويتيمَّم فيمسح وجهه ويديه، وإذا لم يستطِع هو ذلك فالذي عنده يفعل به ذلك ويُيَمِّمُه، فيأخذ بيديه ويضعها على التراب، ثم يسمح بها وجهه وكفَّيْه، ثم يقول له: صَلِّ، فيُصلي على حسب حاله ولو بالإشارة يشير برأسه، فإذا لم يستطِع يُومئ بعينيه، فما دام العقل عنده صاحيًا فلا تسقط عنه الصلاة بحال، ولا يجوز أن يترك الصلاة، فقد يموت قبل أن يُشفى فيكون موته وهو تارك للصلاة، نسأل الله العافية، فهذا خطرٌ عظيمٌ يجب أن يُنبَّه عليه الناس، فمثل هذا يكون المرض- وهو مصيبة- قد سبَّب مصيبةً أخرى أكبر منها، نسأل الله العافية.
فالمسألة: أن الناس يختلفون في البلاء الذي يصيبهم، فمنهم من يرجع إلى الله بسببه ويُنيب، ومنهم من يبتعد عن الله جل وعلا ويكون سببًا في تضجُّره وتسخُّطه على الله، ويقول: أنا لا أستحق هذا الشيء- يعني: أن الله ظلمه عياذًا بالله- وأنا ما عملت شيئًا، أنا أصلِّي وأنا أفعل كذا، وأنا وأنا ولكن ما أدري من أين جاءت هذه المصيبة؟! هكذا نسمع بعضهم يقول! والذي لا يقول هذا بلسانه يمكن أن يقول في قلبه شيئًا من ذلك، وإذا كان في قلب الإنسان شيء من ذلك فإنه يكفي في هلاكه؛ لأن الله جل وعلا يحكم بالعدل، ولا يصاب من مُصاب إلا بسبب أمرٍ تركه أو ذنب ارتكبه، كما أخبر الله جل وعلا.
ويجب أن يتَّعِظ الإنسانُ بالمصائب، فتكون المصيبةُ موعظةً له، فيتَّعِظ ويُحاسب نفسَه، ويبتعد عن المعائب التي يُعاب عليها دينًا، فيبتعد عنها ويستغفر ربَّه منها، فمثل هذا تكون المصيبة قد طهَّرَتْه من الذنب، وكفَّرَتْ عنه ذَنْبِه، والحمدُ للهِ ربِّ العالمين.
اللهمَّ صلِّ على محمد.
[1] الترمذي (2396) وصححه الألباني.
[2] الطبراني في الكبير (193).
[3] البخاري (2996).
[4] الموافاة هنا هي الاستيفاء؛ أي: أخذ الحق كاملًا مستوفيًا، والمراد؛ أي: لا يجازيه بذنبه في الدنيا حتى يجيء في الآخرة مستوفر الذنوب وافيها، فيستوفي ما يستحقه من العقاب، عياذًا بالله تعالى.
[5] الترمذي (2396) وقال: حديث حسن، وصحَّحه الألباني في صحيح الترمذي، وأخرجه ابن ماجه (4031) باللفظ الثاني فقط، قال ابن القيم رحمه الله تعالى في الزاد (3/ 506): "يؤدِّب اللهُ عبدَه المؤمنَ الذي يحبُّه وهو كريم عنده بأدنى زلة وهفوة، فلا يزال مستيقظًا حذرًا، وأما من سقط من عينه، وهان عليه فإنه يخلي بينه وبين معاصيه، وكلما أحدث ذنبًا أحدث الله له نعمةً، والمغرور يظن أن ذلك من كرامته عليه، ولا يعلم أن ذلك عينُ الإهانة، وأنه يريد به العذاب الشديد، والعقوبة التي لا عافية معها".
[6] شرح رياض الصالحين للعثيمين (1 / 48).
[7] القول المفيد على كتاب التوحيد (2 / 79).
[8]أحمد في المسند (803) ومسلم (1 / 215).
[9] قال الشيخ صالح آل الشيخ حفظه الله: حديث: ((والشرُّ ليس إليك))؛ يعني: أنَّ أفعال الله تعالى لا تُوصَف بالشرِّ؛ بل كلُّها عَدْل أو فَضْلٌ وخيرٌ؛ لما فيها من الغايات المحمودة؛ لكن ما يُضَافُ للعبد يكون شرًّا بالنسبة له؛ لكن بالنسبة للقدر هو خير.
مثلًا: أصيب فلان بفقد والده، أصيب بفقد ماله؛ فهذا بالنسبة له سوء وشرٌّ؛ لكن بالنسبة إلى القَدَر وفعل الله تعالى هو خير؛ لأنَّهُ لا يُنْظَرُ إلى المسألة بمجردها؛ بل إلى الغاية المحمودة من ورائها، والغاية المحمودة من ورائها أن يَبْتَلِيَ العباد بذلك، يبتلي الحي، يبتلي الميت ﴿ الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا ﴾ [الملك: 2]، فإذًا أفعال الله تعالى كلها خير، وأما ما يُضاف إلى العبد فينقسم إلى الخير والشر"؛ إتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل (38 / 17).
[10] الأظهر أن أقله واحد وهو الصبر؛ لأنه واجب، والعبد مستحق للأجر بأداء الواجب، أما الرضا ففضيلة، وأعني به الرضا بالمقضي، أما أكثره فأربعة بزيادة الحمد؛ لأن الحمد غير الشكر؛ فالحمد أعم من جهة أسبابه، والشكر أعم من جهة أنواعه، والحمد عبادة جليلة، وهي داخلة في هذا الباب دخولًا أوليًّا، والله أعلم.
[11] المعتصر شرح كتاب التوحيد للخضير (1 / 219) باختصار وتصرف يسيرين.
[12] أحمد (1494)، وحسَّنه محققوه من أجل عاصم بن بهدلة، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع (996).
::صفحات صديقة :: معهد ترايدنت :: منتدى برامج نت
:: برامج المشاغب - ملتقى العلماء وطلبة العلم - الريان تيوب - جريدة الديار -عمال مصر- قهوة الصحفيين - جريده اخبار بتروجت
:: للإعلان ::
واتس
00201558343070
بريد إلكتروني
[email protected]
أو يمكن التواصل معنا مباشرة عبر نموذج الاتصال بنا علي الرابط الآتي
https://dvd4araab.com/vb/sendmessage.php
للتواصل عبر الواتس
https://chat.whatsapp.com/Bekbfqlef3ZInj31Jhk99j
تنبيه للاعضاء تود إدارة
المنتدى ان تؤكد لكافة الاخوة الاعضاء بانه يمنع نشر أي مادة إعلامية تسيء للاديان
أو تدعو للفرقة المذهبية او للتطرف ، كما يحظر نشر الاخبار المتعلقة بانشطة الارهاب
بكافة اشكاله اوالدعوة لمساندته ودعمه، حيث ان ذلك يعتبر خروج صريح عن سياسة
المنتدى ، كما قد يعرض المشارك الى المساءلة النظامية من الجهات الرسمية ذات
العلاقة، شاكرين ومقدرين للجميع حسن التزامهم باهداف ومبادىء المنتدى.