العدوان على القيم والأخلاق مستمر ( حقوق الشواذ والسحاقيات )
عبد الحليم عويس
لا تزال المؤتمرات الدولية التي تُعقد بهدف تقنين الانحلال الأخلاقي الغربي، وفرْضه على العالم - مستمرة تحت غطاء الأمم المتحدة التي دعَت دول إسلامية بالإضافة إلى ائتلاف المنظمات الإسلامية كجهة أهلية للمشاركة في الجلسة الحادية والخمسين لمركز المرأة بالأمم المتحدة، والتي سوف تناقش لتقرير وضعه خبراء من الأمم المتحدة، يطالب بتقنين حقوق الشواذ والسحاقيات، وبحق الفتاة في ممارسة الجنس دون اشتراط الزواج شرطًا لذلك، ويعتبر أن الحفاظ على العُذرية الممثلة في غشاء البكارة بمثابة كبتٍ جنسي يتنافى مع حقوق الإنسان.
ويهدف التقرير إلى وضع وثيقة دولية تُصبح نافذة بعد توقيع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة عليها، ومنها الدول العربية والإسلامية، وضمان تطبيق ما ورَد فيها.
انتقادات حادة:
ولقد وجَّهت مؤسسات إسلامية عديدة انتقادات حادة للتقرير، وأكد الشيخ عبدالله مجاور رئيس مكتب قطاع شيخ الأزهر في تصريحات صحفية، أن هناك العديد من النقاط الواردة في التقرير تخالف صحيح الشرع، داعيًا الدول الإسلامية للمشاركة في المؤتمر بضرورة الوقوف ضدها؛ حتى لا تتحول إلى وثيقة دولية حمائية، يصعُب الفكاك منها.
ووجه مجاور انتقادات شديدة اللهجة ضد ما أورده التقرير عن "الفتيات السحاقيات" والدعوة إلى الحفاظ على حقوق الشواذ، و"حق تحديد الهوية الجنسية للفتيات"، ومراعاة حق الشاذات في التعبير عن آرائهنَّ حول الشذوذ، وحقهنَّ في الحصول على شركاء مثليي الجنس لهنَّ.
وطالب بضرورة تجريم هذه البنود الشاذة، فنحن في الأزهر - كمؤسسة إسلامية - نرفض هذا جُملة وتفصيلاً؛ لأن الإسلام حرم كل هذه الممارسات الشاذة، انطلاقًا من نصوص القرآن الكريم والسنة النبوية.
عدوان على الدين والقِيَم:
وفي مؤتمر صحفي أكدت المهندسة كاميليا حلمي - المدير التنفيذي للجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، وعضو وفد الائتلاف النسائي الإسلامي - أن بنود هذا التقرير تشكِّل خروجًا صارخًا على تعاليم الإسلام، تدور حول قضايا منْح الحرية الجنسية للفتيات والجنس الآمن، والصحة الإنجابية ومحاربة الزواج المبكر، واعتبار المهر وقوامة الرجل داخل الأسرة عنفًا ضد المرأة، فضلاً عن السعي الحثيث لفرض المساواة التامة في الميراث بين الرجل والمرأة، وتقنين الشذوذ، وجعْله حقًّا من حقوق الطفلة.
وتعتزم كاميليا حلمي المشاركة في الاجتماع المزمع الذي قالت: إنه يسعى للحصول على موافقة وتوقيع الوفود الرسمية المشاركة على التقرير الصادر عن مجموعة الخبراء التابعين للأمم المتحدة، الذي تناول تحليلاً حول وضع الطفلة (كل ما دون الثامنة عشرة، تعد طفلة بنص المواثيق الدولية للأمم المتحدة)، وحقوقها.
وأوضحت أن التقرير يتضمن توصيات بهذا الشأن وبرامج لتطبيقها، وسيكون مرجعًا للوثيقة التي سيتم مناقشتها في الجلسة الرسمية للجنة "مركز المرأة"؛ حيث تطالب جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة بالتوقيع عليها وضمان تطبيق ما ورَد فيها.
وأشارت إلى أن التقرير يؤكد حق الطفلة (أقل من 18 سنة)، تحديد متى وكيف تصبح "ناشطة جنسيًّا"، ويوصي بتوفير "معلومات الصحة الجنسية لها"، وتوفير "احتياجات الصحة الإنجابية للمراهقين لتعليمهم" ما أسماه: "ممارسة الجنس الآمن"؛ مما يصب في تشجيع الممارسات الجنسية خارج الإطار الشرعي "الزواج"، وجعل هذه الممارسات حقًّا أصيلاً من حقوق الطفلة التي حددوا سنها بأنها الأقل من الثامنة عشرة سنة، وهو سن الزواج والإنجاب.
ولفتت إلى أن التقرير الدولي يؤكد أيضًا ضرورة توزيع وسائل منْع الحمل في المدارس، خاصة للفتيات؛ لتكون ممارسة الجنس الحر عندهم أيسرَ، وتوفير خدمة الإجهاض بشكل مُعلن وقانوني، وأطلقوا عليه اسم "الإجهاض الآمن" في المستشفيات الرسمية.
الزواج والمهر والقوامة من أشكال العنف:
كما يشجع التقرير الفتيات على ممارسة الجنس، ويوفِّر لهنَّ الإجهاض للتخلص من الحمل السفاح؛ فإنه يكرر "11 مرة"، وفي كثير من الفقرات التأكيد على اعتبار "الزواج المبكر" - (أقل من 18 سنة) - شكلاً من أشكال العنف ضد الفتاة، وشدَّد على المطالبة بسَنِّ القوانين الصارمة لتجريمه.
ويؤكد ضرورة الحفاظ على حق الشذوذ، وما أسماه بـ"حق تحديد الهوية الجنسية للفتيات"؛ "أي: أن تختار الفتاة جنسها"، وينبني عليه تحديد "التوجه الجنسي"- أي: أن تختار جنس الشريك - و"مراعاة حق الشاذات في التعبير عن آرائهنَّ حول الشذوذ، وحقهنَّ في الحصول على شركاء مثليي الجنس لهنَّ".
ويقدم التقرير نموذجًا لحملات أُقيمت لتوعية الصِّبية بحقوق الفتيات، ومن ضمنها: "الحديث مع الصبية عن أسباب التخوف الجنسي المثلي، وتشجيعهم عليه".
وعلَّقت كاميليا حلمي على هذه النقطة مؤكدة أن هذا التقرير يدخل ضمن حملة منظمة للشواذ ومثليي الجنس المنظمة لاختراق المجتمعات الإسلامية.
واستنكرت ما جاء فيه حول عُذرية الفتاة وخصوبتها، واعتباره "كبتًا جنسيًّا"، وشكلاً من أشكال التمييز ضد الطفلة الأنثى، واعتبرت ذلك دعوة صريحة للزنا وتبريره.
وحثَّت المهندسة كاميليا حلمي الوفود على التحفظ على كل ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية فيما سبق الإشارة إليه، من النقاط والبنود التي تدعو للإباحية والفجور التي هي سبب هلاك المجتمعات وتدمير الأُسر، وأن تتصدى المؤسسات المَعنية بالأسرة والطفل - كالمؤسسات الدينية والإعلامية والتعليمية، ومؤسسات المجتمع المدني - لمثل هذه الأفكار التي تهدِّد كِيان الأسرة وهُوية الأمة.
ولفتت في هذا الإطار إلى أن الوفدين الباكستاني والسوداني نجحا في الاجتماع السابق في إيقاف بند يطالب بتضمين الحرية الجنسية للفتيات والمراهقين، واعتبارها أحد حقوق الإنسان في المواثيق التي تخرج من الأمم المتحدة.