القول الجليل بزوال دولة إسرائيل(هجمات نيويورك 2001 ومقدمة الزوال) ترجمة Missing Links
بسم الله الرحمن الرحيم
أحييكم أيها الإخوة والأخوات وأقدم لكم هذا العمل والموضوع الذي نعرض من خلاله مسألة الحادي عشر من سبتمبر 2001 والهجمات المفاجئة والمنسقة التي تعرضت لها الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك اليوم الكارثي بتاريخ أمريكا، وما تلاه من توتر واضطراب شديدين في بلاد العم سام وكذلك على المستوى العالمي. وهذه المسألة أخذت مظهرا مخالفا لحقيقتها بحيث يمكننا الجزم بأنها خديعة كبرى يقع بها العالم. وعند الخداع والدسائس والمؤامرات الخفيّة فتش عن اليهود، فهم سادتها وأفضل من يجيد حبكها. وعلى الرغم من مكر اليهود إلا أن الله تعالى محيط بمكرهم وهو خير الماكرين، فأتاهم من حيث ظنوا أنهم نجحوا وتفوقوا، وهو ما سيلج بنا إلى النبوءة الثابتة في التوراة والقرآن والتي تبشر بزوال "دولة إسرائيل" الحالية زوالا لن يقوم لليهود بعدها أثر في الأرض المقدسة فلسطين. وإن نصر الله لقريب ولكن أكثر الناس لا يوقنون.
9/11 Missing Links
مايك ديلاني
يعرض لنا فلم 9/11 Missing Links الذي أنتجته مجموعة أمريكية حرّة ولا تخضع لسيطرة الإعلام الذي يحرّكه اليهود ومجموعات الضغط الموالية لإسرائيل، وسنة إنتاجه ليست بعيدة، فهو إنتاج عام 2008. ومنتج الفيلم وكاتب نصه هو السيد مايك ديلاني واشترك معه مجموعة من الكُتّاب والرواة وخبراء المونتاج والإخراج بعرض العمل الوثائقي الذي استغرقت مدته ساعتين وسبع دقائق، ويبدو أن العمل حذفت منه بعض المقاطع ليصبح بمدة ساعتين وخمس دقائق، وهو ما اضطرني لحذف النص المترجم للمقاطع المحذوفة، كما أضيفت بالنسخة الأقل بضعة مشاهد غير موجودة بالنسخة الأكبر. إلا أن رواة العمل يؤكدون أن مدة النص الأصلي للفيلم تزيد عن خمس ساعات، ما يعني أنهم لم يعرضوا سوى ثُلث المعلومات الصالحة للنشر، بخلاف المعلومات الخطيرة الأخرى التي ألمح صناع العمل أنهم يمتلكون وثائق خطيرة عنها. لكن الفيلم على محدوديته يحمل معطيات ستؤدي لا محالة إلى كشف أكاذيب اليهود ولوبياتهم في أمريكا، وهو ما سيؤدي لا محالة إلى انكشاف الغطاء عنهم وفضح إجرامهم بحق من أحسن إليهم ووالاهم. ولا شك أن من صنع الفيلم تحلّى بجرأة كبيرة بسبب سلكه لطريق معاكس للتيار السائد الذي يوجهه الإعلام الأمريكي عن أحداث الحادي عشر من سبتمبر. ومن نافلة القول أن جميع دول العالم لها خطوط توجيه وسيطرة على الإعلام ومن يخرج عنها سيتعرض للأذى المباشر أو غير المباشر. ففي بلداننا العربية من يخرج على ترهات الإعلام الرسمي ربما سيجد نفسه في أسوأ حال كالزج بالسجون أو التعذيب أو الملاحقة والنفي بأفضل الأحوال. أما في الولايات المتحدة، فإن الوضع مختلف لاختلاف شكل النظام وطريقة عمله. فهذه البلد هي "أم الديمقراطية في العالم" ودولة الحرية وعدم التقييد كما يزعم مؤيدوها، إلا إن معاقبة الخارجين على خط سيرها الذي تصوغه الصفوة والنخبة فيها تأخذ أشكالا مغايرة عن الطرق المباشرة، وقد تتمثل بالتضييق على خيارات العمل أو الإقصاء من المنابر الإعلامية والأكاديمية الكبرى (كما رأينا في حالة البروفيسور نورمان فينكلستين وسلفه نعوم تشومسكي من هنا). وعلى الرغم من أن جوهر النظام الأمريكي تدخّل سابقا في خلق وسيلة قمع للرأي الآخر، وتمثّل ذلك بالحالة المكارثية في خمسينيات القرن الماضي، إلا أن الحكومة الأمريكية لا تلجأ عادة لمثل هذا الأسلوب المفضوح، بل تفضل ترك أدواتها ومعاولها بإيقاع العقاب على من يخالف بطرق خفية وذكية في آن واحد. ولذلك، فإن صناعة صورة تستدل بالدلائل بحثا عن الحقيقة المجردة والفعلية بعيدا عن الزيف أو لما يراد للمرء تصديقه على عواهنه هو مجهود يستحق الثناء والإشادة.
يقدم لنا هذا العمل رسالة صارخة، وهي أن من ارتكب جريمة الحادي عشر من سبتمبر عام 2001 هم اليهود بكل صراحة ووضوح. ويسرد في ذلك الدليل تلو الدليل والمعلومة تلو المعلومة، إلى الحد الذي يجعلك تصل إلى قناعة مفادها أنه لو صح عشرة في المئة فقط من المذكور في العمل لتيقنت من إعادة النظر في المسألة برمتها، لاسيما ما يخص تمثيلية إيقاع اللوم على القاعدة وأسامة بن لادن (وهذا ليس دفاعا عن القاعدة التي سنذكر رأينا بسلوكياتها بمسألة الحادي عشر من سبتمبر أدناه). والعمل يهمل عمدا فكرة ربط القاعدة بالهجمات لأن لديه من الدلائل المادية ما يكفي لتوجيه أصابع الاتهام للطرف المتورط فعلا بتنفيذ هذه العمليات الترويعية الكبرى والتخطيط لها وتنسيق خطواتها تنسيقا دقيقا ومحبوكا. وننوّه هنا إلى أن العمل يختلف تماما عن الأعمال الوثائقية الأخرى التي تشير إلى تخمينات وظنون عن بعض المظاهر التي اتسمت بها الهجمات كشكل الطائرات (مدنية أو عسكرية) أو سبب انهيار مبنيي البرجين التوأم لمركز التجارة العالمي، هل هو من قاعدته أو من الأعلى، فكل ذلك لا يركّز عليه العمل بل يقدم براهين وإثباتات على الشخصيات المتورطة والمستفيدة من الهجمات، وكيف أنها عملت بسرعة على تدمير وإلغاء بقايا الأدلة المادية الناتجة عن التفجيرات ليسهل عليها طرح سيناريوهات محددة عن هوية الفاعلين المفترضين. ولعل العمل الوثائقي الذي نعرضه هنا يلمّح إلى أن التخطيط اليهودي للسيطرة التامة على القوة الكبرى بالعالم لم يبدأ منذ فترة قصيرة بل منذ عقود طويلة، وربما ما كان يقف حائلا دون تحقيق ذلك هو وجود حالة التجاذب والاستقطاب العالمية المتمثلة بصراع القطبين العالميين خلال القرن الماضي (الاتحاد السوفييتي وحلفاؤه والولايات المتحدة وحلفاؤها)، على الرغم من أن هذا الصراع الدولي كانت تحركه قطعا الصهيونية العالمية (من المهم الإشارة على سبيل المثال إلى أن الشيوعية أسّسها المفكرون والفلاسفة اليهود ومن نفذها في روسيا وأوروبا الشرقية يهود أيضا). لكن مع زوال جمهوريات الإتحاد السوفييتي وتفككها إلى دويلات صغيرة، عاد اليهود كما يبدو إلى تنفيذ مخططهم الكبير، مع إضافة عنصر جديد وهو خلق عدو جديد حتى يسهل تشتيت الانتباه عن هذه المؤامرة، وهذا العدو هو عالمنا العربي الإسلامي، أو بشكل أدق الإسلام، فهو العدو الأكبر الواجب محاربته وتدميره واقتلاعه من جذوره، وهو ما يتمّ من خلال ما يسمى "الحرب على الإرهاب". ولن أستفيض بهذا كثيرا فهنالك كثير من الكتّاب والخبراء والمحللين تناولوا هذا الجانب وفصّلوا فيه. وعن نظريات الهجمات على مركز التجارة العالمي وكيفية سقوط أبراجها ومبانيها، توجد العديد من البرامج الوثائقية والتسجيلية التي أسهبت بهذه الجوانب، وكلها تضع علامات استفهام على الرواية الرسمية لوقوع هذه الهجمات، لكن هذه البرامج لا تذكر مسألة التخطيط للهجمات والجهات أو الشخصيات المستفيدة وكيف استفادت ولماذا، وهو ما يعرضه عمل "الحلقات المفقودة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر" بكفاءة. وليس المهم أن يقتنع المرء أو يصدق ما يطرحه هذا العمل، بل المهم ما يقدم من أدلة تفضح هشاشة الرواية الرسمية الأمريكية لتلك الواقعة، وأن الحكومة الأمريكية غضّت الطرف عن أبسط الطرق المتعارف عليها لجمع الأدلة الواضحة للعيان أو الإمساك بالمشتبه بهم الذين تورطوا بوضوح بالجريمة أو استفادوا منها، ولم تقم حتى اليوم بعمل محاكمة جدية لتجسيد الجريمة وتخيلها سواء للذين تسجنهم في غوانتانامو بلا مسوّغ قانوني أو للمشتبه بهم والمستفيدين من الجريمة الذين يتبوأون مراكز مفصلية حساسة في الولايات المتحدة. وكل هذا يجعل حكومات الولايات المتحدة منذ عام 2001 إلى يومنا هذا تتستّر على مرتكبي الواقعة، إن لم تكن متواطئة معهم، لأنها شعرت بفوائدها الجمة التي تخدم مخططاتها ومشاريعها، وعلى ذلك تكون الحكومات الأمريكية متهمة بجرائم الخيانة العظمى، وهذا ما سيبرهنه التاريخ.
--------------------------------------------------
سنعرض العمل الوثائقي عبر اليوتيوب أولا
ثم نناقش تاليا محاور الموضوع الأخرى
عن الترجمة
أشكر بداية الأستاذ منتظر السوادي على تفضله بمراجعة النص وتنقيحه لغويا، وعلى تخصيصه جزءا من وقته الثمين لمراجعة النص وتصويبه. والأستاذ منتظر كاتب قصصي وناقد أدبي من العراق الشقيق وله العديد من المقالات النقدية والأدبية سواء في المجلات الورقية التي تصدر من العراق أو المجلات الإليكترونية التي تعنى بالأدب وشؤونه وشجونه، وهذا ثالث تعاون بيني وبين الأستاذ منتظر السوادي بعد ترجمتنا لأعمال سابقة وهي المحاكمة وقوم جدي، ونأمل أن يستمر التعاون أكثر وأكثر بإذن الله.
أما ترجمة العمل، فقد استغرقت مني وقتا طويلا بلا مبرر سوى أن ظروفا منعتني من إنهائه في منتصف هذا العام، حيث بدأت بترجمة أول عشرين دقيقة وظننت أنه لن يستغرق مني وقتا سوى لبضعة أسابيع، إلا أن ما لم يكن واردا في الحسبان قد وقع، حيث ساءت الأمور كثيرا في سورية ومصر الشقيقتين وهو ما جعل من حماس ونشاط الترجمة لدينا يذبل ويخبو، ولا حول ولا قوة إلا بالله. لكن عطاء الترجمة لن يموت بإذن الله طالما نعيش بهذه الدنيا، فأنا من يطبقون مقولة "أنا أترجم إذًا أنا أعيش وأفكر وأؤثر" فاستجمعت القوى لإنهاء هذا العمل. وكما تعلمون حضراتكم، ترجمة هذا العمل سماعية (أي ليس لها نص مكتوب)، لكن ليس هذا ما يدخله بدائرة الصعوبة. فليس في النص ما هو صعب من ناحية المعنى أو المبنى، بل تكمن المشقة بكثافة النص وغزارة كلماته، وكأني بحوار العمل مروي من أوله وحتى آخره بنَفَس واحد، فلا وقفات لالتقاط الأنفاس إلا فيما ندر من زمن العمل الذي امتد لساعتين وخمس دقائق. وأنبه إخواني المترجمين والمترجمات أن العمل ورد به الكثير من الاسماء والعناوين المختصرة مثلCIA و NSA و FBI وغيرها من أسماء المنظمات والهيئات والجمعيات الأمريكية والعالمية وكان لا بد من ترجمتها بأسمائها الأصلية وليس الرمزية فلا معنى بأن تقول (سي آي أيه) على الرغم من أنه معروف، لكنه لا يصلح لقاعدة قياسية عند النقل للغة الهدف، فستصادفنا ترميزات أخرى غير معروفة ولن تفهم ما هي بالضبط إلا بعد كتابة أسمائها الكاملة حيث أن الترميز باللغة العربية لا يوجد بالطريقة التي يوجد بها بالإنجليزية، فلا مهرب من الاجتهاد بالنص حتى لو طالت مدة إنجازه.
وقد راسلت السيد مايك ديلاني الذي رد مشكورا لنشر ترجمتنا لديهم، وأعرب عن ترحيبه بالفكرة وأنه كان يحتاج لها منذ مدة طويلة. وهو ما سنراه لاحقا بمشيئة الله.
الارتباط العضوي الجديد بين المسيحية واليهودية
(الأصولية المسيحية في أمريكا)
يقال إن "الطريق إلى جهنم مفروش بالنوايا الحسنة". وهذه المفارقة الخطيرة تنطبق على الحركة الجديدة التي دخلت على الديانة النصرانية بدءا من القرن السادس عشر في وسط أوروبا وسمّيت "بحركة الإصلاح الديني" التي أشعلها الراهب مارتن لوثر. ولا شك أن الكنيسة الكاثوليكية بطغيانها وجبروتها السابقين قد أفسدت الحياة على المسيحيين الذين تاقوا إلى حياة كريمة بعد قرون طويلة من الخداع من كنيسة روما وعانوا خلالها من خوض الحروب الصليبية الدموية المريرة في بلاد العرب والمسلمين، والتي لا ناقة ولا جمل لهم فيها، رغم تأثيرها الثقافي والعلمي عليهم -أي الأوربيون- لاحقا. ويظهر جليا من الدراسات التاريخية الدقيقة، أن هذا الحراك الذي كان يُفترض أن يقود إلى الإصلاح، أدّى في واقع الأمر إلى تداعيات مؤثّرة في كيان الثقافة الأوروبية. فمن الناحية الدينية، عملت الحركة على إعلاء جملة من المبادئ والأسس التي سعت من خلالها إلى التخلص من سيطرة الكنيسة البابوية ومنها على سبيل المثال لا الحصر:
- رفض مسألة صكوك الغفران وبالتالي فالكل قادر على الحصول على الخلاص.
- فتح باب تفسير الكتاب المقدس للجميع وعدم حصره "بالسلطة التعليمية" للبابا، مع تشجيع ترجمة الكتاب المقدس لجميع اللغات والتبشير به.
- الكتاب المقدس هو المصدر الوحيد للمعرفة المختصة بأمور الإيمان.
- معارضة الكهنوت، "فكل المسيحيين يتمتعون بدرجة الكهنوت المقدسة"
- السماح للقسيسين بالزواج وعدم وجود أصل للبتولية في الكنيسة.
وهي في مجملها مبادئ كان الغرض الرئيس منها إبعاد الهيمنة البابوية على الحياة عموما. وعلى الرغم من أن هذا أدّى بطريقة غير مباشرة إلى تكوين "العلمانية" لاحقا، وهذا موضوع آخر، إلا أن ما نلحظه بدراسة تطور الفكر البروتستانتي أنه فتح الباب على مصراعيه لآراء ومعتقدات وأفكار قد لا يكون لها أصل أو منبع قادم من الأوامر التي جاء بها المسيح عليه السلام أو ما نقله عنه الحواريون أو حتى الأجيال الأولى للمسيحية. والعجيب بالأمر أن كثيرا من العلماء والمفكرين المسيحيين يعتبرون هذا جانبا إبداعيا بالدين المسيحي. أي بمعنى آخر، وكما ذكر البروفيسور اللاهوتي الإنجليزي ديورميد ماكيولوتش في السلسلة الوثائقية تاريخ المسيحية "إن للمسيحية قدرة على التأقلم والتغيّر ثقافيا في أية بقعة من العالم ومع أية مجموعة بشرية، وهذا هو سبب انتشارها كأكبر ديانة في العالم من ناحية العدد" ما يعني أن المسيحية إذا دخلت على مكان ما من العالم فإنها لا تمانع بإحداث "تغييرات توافقية" فيها إن جاز التعبير. والمشكلة أن هذه التغييرات ليست في الفروع، بل تصل إلى أصول العقائد المسيحية ذاتها. وعلى كل حال لن نسترسل بهذا الجانب كثيرا لأننا ناقشناه سابقا في موضوع تاريخ المسيحية (من هنا)، إلا إننا سنتناول نقطة هامة وردت بالأفكار اللوثرية وهي فتح باب تفسير الكتاب المقدس على مصراعيه. ويبدو أن هذا الانفتاح الواسع أدى لنشوء أفكار تنادي بعودة الارتباط مع العقائد اليهودية الغابرة والواردة في الكتب والأسفار التوراتية الأولى، وهي ما اصطلح على تسميتها بالعهد القديم، وأقوى من نادى بهذا الإنجيليون الذين هم أحد أفرع البروتستانت، الذي يتميّز أتباعها بشدة الزهد والإخلاص لما يعتقدون أنه حق. وكان مركز هذه الحركة بريطانيا، إلا أنه مع مرور الأيام وبسبب النزاعات المذهبية الدموية في بريطانيا وأوروبا الغربية، انتقل الثقل المركزي للإنجليين إلى الأرض الجديدة في أمريكا حيث تنامت قوتهم وازدهرت، واستفادت الحركة من أخطائها السابقة وعملت على تنظيم ذاتها واستغلت خير استغلال الحرية الدينية المتوفرة في الولايات المتحدة. ويبدو أن الإنجيليين استفادوا كذلك من نتائج الحرب الأهلية الأمريكية، ونجحوا بعمل تحالفات كبرى مع القيادات السياسية وتشكيل تنظيمات دينية أخطبوطية على الساحة الأمريكية تتمتع بتأثير عظيم، لاسيما بأوقات الانتخابات والتصويتات الكبرى. ومن أهم الشخصيات التي أسست للأفكار المبتدعة في المسيحية الجديدة في أمريكا شخصيتين لهما تأثير بالغ في نشرها التبشير بها. وكنتُ قد ترجمتُ مؤخرا سيرتهما الواردة في الويكيبيديا الإنجليزية ليسهل فهم التحول الديني الذي جعل المسيحية قريبة إلى اليهودية، على الرغم من العداء التاريخي الشديد بينهما. الأول هو
جون نيلسون داربي
أما الثاني فهو
سايروس سكوفيلد
وأهم ما طرحاه من فلسفات وأفكار عَقَدية يتمثل بالألفية التدبيرية التي تتلخص بنزول المسيح الثاني وأن هذا النزول (وهنا بيت القصيد) لن يحدث إلا بعد العثور على هيكل سليمان وإعادة بنائه، وهذه العقيدة أو الأفكار التي ابتدعها داربي وتلميذه سكوفيلد ليس لها أصل على الإطلاق بالمسيحية القديمة أو الحديثة، إلا أن ما نتج عنها هو ذلك التقارب بين هذا الفرع من المسيحية واليهودية، أو ما يسمى "المسيحية الصهيونية". وبطبيعة الحال، استثمر اليهود هذه الثغرة الفكرية ليصعدوا من خلالها لأعلى سلم دوائر القرار الأمريكي. وبما أن الولايات المتحدة هي القطب الأوحد في العالم حاليا، فإن اليهود هم من يتحكم بمعظم توجهاتها وقراراتها، وليس من قبيل المبالغة إن ذكرنا أن الوقت المعاصر يمثل الفترة الذهبية المجيدة لليهود وسيتذكرنها في الأزمان القادمة على أنها أزهى عصور تفوقهم وعلوّهم على البشرية جميعا. فإن شبهنا أمريكا بالحمار واليهود بممتطي هذا الحمار، فإن علينا ألا نستغرب لجوء اليهود إلى ضرب حمارهم لتسريعه أو لتوجيهه نحو الوجهة التي يريدون.والتاريخ كفيل بكشف ما كان خافيا على الناس.
القاعدة وغزوة مانهاتن!
الاختراق والاحتراق
إن مسألة الجهاد في سبيل الله تعالى تنقسم إلى قسمين: الجهاد الأصغر والجهاد الأكبر. ويبدو أن مرحلة انحطاط المسلمين التي نعاني من كوارثها منذ عدة قرون أدّت إلى إعادة طرح ما شرّعه فقهاء العصر الذهبي وما تلاه من عصور قريبة منه فقط، دون مقدرة واضحة على قراءة متطلبات العصر الحالي من إشكاليات وقضايا سياسية وإستراتيجية واجتماعية واقتصادية وأخلاقية، وإيجاد تشريعات صحيحة وعميقة وشاملة من الكتّاب والسنة لمعالجتها ومحاصرة مخاطرها، ولعل الفشل في ذلك هو ما أدى لسقوط الخلافة، وهذا موضوع لا بد أن يحله الفقهاء والخبراء وأهل الاختصاص. إلا أن ما تمخض عن هذه الفجوة الخطيرة هو نشوء فهم مبتور للنصوص الشرعية وابتعاد عن المقاصد الكبرى التي ينادي بها الشرع.
وهذا المأخذ، بالإضافة إلى علامات استفهام كبرى، هو أبرز ما نأخذه على الجماعة التي يسمون أنفسهم بالقاعدة وكل من أيّدهم وسار على خطّهم. وطالما أن البداية كانت خاطئة أو مشبوهة فلا بد أن الشكوك ستحوم حول كل ما يفعلونه أو ما يقدمون عليه أو يبررونه. فبداية ما يسمى بالقاعدة كانت بإيعاز ومباركة من الأمريكان ومن يعملون معه من أجهزة مخابرات عربية، وما تلك الانتصارات المتتالية لمن قاتل ضد وجود الاتحاد السوفييتي على مدار عشرة أعوام تقريبا (1979-1989) إلا لأن الغرب موافق عليها وداعم لها، بغض النظر عن نوايا المجاهدين الحسنة. والمفارقة أن كثيرا من الساسة والدبلوماسيين الأمريكيين البارزين وصفوا المجاهدين بأفغانستان بفترة الثمانينات بأنهم "أبطال رائعين"، ويحضرني هنا تهكم الدكتور حسن الترابي وسخريته من نفاق الغرب قبيل مقتل أسامة بن لادن حين قال بالإنجليزية:
Yesterday, West said Bin Laden was the great Mujahid.
But today, he became the big terrorist
وقد أكّد كثير من العلماء والفقهاء الأحرار ممن لا يخضعون للسلط الحاكمة أن معظم الفتاوى التي ينطلق منها أتباع القاعدة هي فتاوى مبتورة وليست في سياقها الصحيح ويحملون عنها فهما خاطئا وبعيدا عن الصحة، فعندما ركّب الناس اللاقطات الصناعية (الدش) على أسطح منازلهم حرّمها دهاقنتهم وأخذوا يقنصونها ببنادق الصيد، وعندما ظهر الانترنت حرّموه أيضا ولعنوا كل من يتصفحه، وقس على ذلك الكثير بدءا من تحريم وضع حزام الأمان لمن يركب السيارة (لأنه يمنع القدر) وانتهاء بتحريم قيادة السيارة على المرأة، وهي تخيلات مشوهة لم يرد بها نص ولا دليل من الشرع. وقد أشار آخرون أن ما تسمى القاعدة مخترقة حسّيا أو فكريّا، وأن الغالبية العظمى من عملياتها الترويعية لا تصب في صالحها البتة ولا في صالح المسلمين، وهذا مظهر معروف من مظاهر الاختراق الاستخباراتي والعَقَدي. وكما يقال فإن "البعرة تدل على البعير والأثر يدل على المسير"، فإذا ما صدقنا مزاعم قيادات القاعدة بأنهم من خطط ونفذ هجمات نيويورك عام 2001، أو "غزوة مانهاتن" حسب وصفهم، فإن نتائج عملهم هذا هو أدعى للفشل لما ترتب عليه من كوارث ومصائب على المسلمين، وهو ليس اجتهادا أخطؤوا به فيؤجرون، بل هو عمى بصر وبصيرة والعياذ بالله، ولست بمعرض طرح الأدلة الشرعية على ذلك، فهي متواترة ومتوفرة على الشبكة وسردها الكثير من العلماء الموثوق بهم. أما إذا كان من نفذ هذه العمليات غيرهم، وهو الرأي الأرجح بحكم الدلائل والمعطيات على الأرض، فهم -أي القاعدة- واقعون بورطة الكذب والدجل على الناس. فلا مناص لأتباع القاعدة وزعمائها من الهروب من مسؤولية الخطيئة الكبيرة التي أوقعوا أنفسهم فيها، وهي مسؤولية دماء ملايين المسلمين التي أريقت بسببهم. وهذا يعود بنا بالتاريخ إلى الحماقات والأسلوب غير الحكيم الذي اتبعه الخوارزميون مع المغول الذين اتخذوا ذلك ذريعة لغزو بلاد المسلمين. وبما إن الشيء بالشيء يذكر، فما هو المؤشر الذي نستشفه من وجود بن لادن في بيت أقرب ما يكون إلى قصر فخم بمدينة باكستانية تعد من إحدى المعاقل الاستخباراتية العسكرية الباكستانية، على خلاف ما ردّده بعض الحاقدين الحمقى على القاعدة من إنه يعيش بالكهوف والمغارات كالإنسان الأول؟ لا يمكنني ابتلاع مقولة إن بن لادن تعرض للوشاية، أو ما نشر من أن سائقه أو خادمه الذي يلبي حاجاته ألقي القبض عليه فأقرّ بمكانه، بل أكاد أجزم أن الأمريكان ومن عاونهم من الاستخبارات الخليجية كانوا يعرفون مكانه منذ البداية، لكنهم قتلوه –وربما لم يقتلوه حتى الآن- بعد أن شعروا أن فائدته الإستراتيجية انتهت بالنسبة لهم. وما يزيد الطين بلّة بالنسبة للقاعدة، أن الفرع الذي ادّعى انتماؤه إليهم في العراق (دولة الإسلام في العراق) أقدم على عمليات لا تمّت للجهاد بصلة بل قيل إنه افتأت على الناس ومارس الترهيب على أهل منطقة الرمادي وهم الذين أكرموهم واستضافوهم على أمل مقاومة الأمريكان وإخراجهم من البلاد مذلولين. لكن استفحل أمر هذا الفصيل الذي ترك قتال الأمريكان وتفرغ لترهيب الناس وإيذاء الجماعات الجهادية الأخرى. وها هم اليوم يفسدون الأمر على من يقاتل النظام السوري المجرم، ويفتئون على الناس بفتاويهم المبتورة والمشبوهة والتي لا يصدقها عاقل. أما التكفير فهي اللعبة التي يتسلون بها متى ما أرادوا، وآخر الطرائف الواردة عن (داعش) أنهم يتباحثون فيم بينهم أمر تكفير د. أيمن الظواهري الزعيم المفترض للقاعدة وهو من يفترض أنه زعيمهم، على غرار ما نقل عن مصعب الزرقاوي أنه "كفّر كل أتباع طالبان ما عدا الملا محمد عمر" بعيد عودته من أفغانستان بحجة أنهم "قبوريون".
فعلى أتباع القاعدة أن يتقوا الله فيما يفعلون وأن لا يكونوا مطيّة للاستخبارات أيا كان مصدرها، وأن يتخلصوا من الفهم السقيم للإسلام الذي رعته "الكنيسة النجدية" وحاولت تصويره على أنه الفهم الصحيح لدين الله ليمتلكوا ناصية الإسلام ويطوّعوه لصالح أهواء سلاطينهم الموالين للغرب. والأهم من هذا وذاك، أن عليهم أن يجاهدوا في سبيل الله على أنفسهم أولا قبل جهاد أعداء الله لكي يكون منطلقهم إخلاص النية لوجهه تعالى فيضعون أيديهم بأيدي إخوانهم المجاهدين المخلصين أما الرئاسة والزعامة والدولة فهذه ليست لهم بل يقوم عليها المسلمون ليختاروا منهم من هو الأصلح والأكفأ، فهي لا تؤخذ بالقوة أو الغَلَبة بل بالانتخاب والمشورة، وهو أمر يترك لما بعد الخلاص من الغزاة الخارجيين والأنظمة الخائنة العميلة.
القول الجليل بسقوط دولة إسرائيل
النبوءة وإيمان التصديق
(1)
قبل سرد النبوءة التي تأتي كبشارة من الله تعالى لعباده المسلمين، أود الإشارة بالذكر إلى عالم جليل من علماء أمتنا الإسلامية ألا وهو الشيخ بسام جرار حفظه الله.
فهذا الشيخ العالم له تفسيرات تتسم بالعمق والفطنة بآيات الذكر الحكيم وهو أحد مؤسسي ومدير مركز نون للدراسات القرآنية في فلسطين، ولعل من يتذكر قضية من أبعدهم الكيان الصهيوني عن فلسطين من مجاهدي الانتفاضة الأولى ليستقروا بمخيم منطقة مرج الزهور اللبنانية أواخر عام 1992 سيكتشف أن الشيخ بسام جرار منهم، وقد ألقى محاضرة تعدّ من أوائل محاضراته عن الإعجاز العددي في القرآن وزوال كيان الصهيوني بذلك المخيم على الرغم من صعوبة ذلك الظرف. وقد فتح الله على هذا الشيخ فتوحات منيرة في القرآن الكريم يسّرت من أمر مشاهدتنا للمعجزات القرآنية التي ستظل قائمة حتى قيام الساعة. وعلى الرغم من صعوبة وندرة استحواذ شيخ من شيوخ الدين بهذا العصر على اهتمامي لأسباب كثيرة، إلا أن الأستاذ بسام جرار يجبر كل من لديه عقل سليم على متابعته والإنصات له ودراسة ما يذكره بمحاضراته وإعمال العقل لتمحيص نظرياته وتأملها والابتعاد عن الأفكار السائدة التي لا أساس لها من الصحة عند دراسة حقائق القرآن الكريم ومفاهيمه ومدلولاته. والمفسر لآي الذكر الحكيم، كما هو حال الشيخ بسام جرار، يجب أن يكون ملما باللغة ودلالاتها وعمق معانيها، ولا بد له من دراسة التاريخ البشري بدقة وإتقان ومعرفة مراحله وحقباته وأهم الشخصيات الواردة (فالقرآن الكريم يذكر الكثير من المراحل والوقائع التاريخية المفصلية بحياة البشرية جمعاء)، وأن يكون على دراية بالعلوم الحديثة وتطبيقاتها، بالإضافة إلى دراسة العلوم الشرعية وأصول الشرع وفروعه والفقه ودراسات الحديث الشريف. وقد وجدت كل هذا وذاك في هذا الشيخ الجليل بسام جرار ومتفوقا على أمثاله من مفسري القرآن والباحثين فيه. ويمكن قراءة بحوث الشيخ بسام جرار عبر تنزيلها من موقع مركز نون للدراسات القرآنية (من هنا) أو مشاهدة محاضراته الأسبوعية على اليوتيوب (من هنا). أما نظريته بشرح النبوءة فسنسرد أبرز ملامحها بالسطور اللاحقة.
(2)
إن النبوءة بزوال دولة إسرائيل الحالية (رغم اعتراضي على هذه التسمية مبدئيا) لم ترد في القرآن الكريم فحسب، بل وردت قبل ذلك بقرون في التوراة، وهو ما يشدّد عليه سياق الآيات الكريمة. ولكن تتمثل الإشكالية بصعوبة التحقّق من سياقات التوراة والكتاب المقدس ككل لأنها تعرضت للتحريف (أي الزيادة والنقصان والتحوير من البشر على الكتاب الأصلي). وعلى الرغم من ذلك، ليس كل التوراة محرّفة، فيبدو أن اليهود ركّزوا بتحريفهم على مسائل التشريعات والقوانين بالإضافة لوضع بعض القصص الكاذبة عن أنبياء الله ورسله، وتركوا بعض النبوءات كما هي، ربما لانعدام فهم صورة المستقبل لديهم. وعلى هذا الأساس، فلنقرأ معا بدايات سورة الإسراء التي تحمل النبوءة مع الإشارة إلى الخاتمة التعقيبية بآخر السورة على النبوءة. وسياق النبوءة بالسورة يبدأ هكذا
{وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا (4) فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا (5) ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6) إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7) عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا (8)}
والتعقيب والتأكيد الإلهي في ختام السورة
{وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)}
والقارئ للآيات الكريمة سيرى بوضوح أن لليهود في الأرض إفسادين، ويذكر الشيخ بسام جرار أن الإفساد الأول وقع بعد وفاة سليمان عليه السلام عام 935 ق.م. حيث انقسمت الدولة من بعده إلى دولتين: إسرائيل شمالا وضمّت عشرة أسباط، ويهوذا جنوبا وضمّت سبطين فقط على الرغم من أنها هي المملكة الأصلية. أما الإفساد الثاني الذي تعرض مظاهره الآيات فلم يقع في التاريخ سوى مع مطلع القرن العشرين حتى الآن، وتعد هذه الفترة ذهبية في التاريخ اليهودي لأنهم يسيطرون على دوائر القرار السياسي الحديث في العالم بدءا من بريطانيا ثم الولايات المتحدة. ثم عدم اعتراض العالم ومنظماته على ما ترتكبه من مجازر وانتهاكات صارخة إلا عبر استنكارات لا تغني ولا تسمن من جوع. وكذلك سيطرة اليهود على رؤوس الأموال والاقتصاديات العالمية حاليا. بالإضافة إلى التفوق التقني والعلمي والعسكري للكيان الصهيوني على ما يحيط به من دويلات وكيانات عربية متفرقة ومهشمة. لكن هذا الوضع ليس أبديا ولا أزليا، فله وعد وقضاء كما ينبئنا الباري عز وجل. أما الجديد بتفسير فهو ما توصل إليه الشيخ بسام جرار من تحديد دقيق لزوال دولة إسرائيل من خلال عاملين مهمين:
- التفسير المعنوي والإيماني لسياق الآيات المباركة. حيث أورد مؤخرا سلسلة من 8 محاضرات بتفسير مفهوم الآيات ودلالاتها أعرض لكم المحاضرة الأخيرة منها (ويمكن العثور على بقية حلقات السلسلة بذات القناة) من هنا
- التحليل العلمي الحسابي واللغوي لتعداد الكلمات واستخدام حساب الجُمّل لتحديد التوقيتات والأزمنة لسياق الآيات. وقدم ذلك بمحاضرة على ثلاث ساعات، من هنا
وبما إننا لازلنا نعيش مرحلة الانحطاط وضعف الإيمان، فأردت عرض النظرية على بعض من أعرفهم من الأصدقاء لأرى مدى إمكانية تصديقهم لها أو ربما الإيمان بها. فانقسم الناس إلى قسمين. الأول ينفي هذا الأمر ولا يصدقه جملة وتفصيلا، بل ويُتهم قائله بالتخريف، أما الآخر فيتمنى حدوث ذلك وبأقرب فرصة لكنه يستبعده لضعف العرب الحالي وبعدهم عن الدين. إلا أن كلا الفريقين يزعمان أنه لن يهزم اليهود ويطردوا من فلسطين والشام إلا بعد أن ينطق الحجر والبشر ويقول "يا مسلم ورائي يهودي" كما ذكرت الأحاديث النبوية الشريفة. وهذا فهم مبتور ولا أساس له من الصحة وليست له علاقة بنص سورة الإسراء الذي لم يشر إلى أن اندحار اليهود من الأرض المقدسة سيكون فقط في آخر الزمان. فما هو مؤكد أن اليهود سيطردون من فلسطين قريبا بإذن الله ولن تقوم لدولتهم قائمة بعد ذلك، لكنهم سيعملون على إعادة مجدهم الضائع (وهو الذي نعاصره حاليا) بكل وسيلة ولن يفلحوا والدليل قول الله تعالى
{وإن عدتم عدنا}
وستؤدي هذه الاندحارات المتتالية إلى تحالفهم مع الأعور الدجال بآخر الزمان، وهنا سينطق الحجر والشجر عليهم، كما روت الأحاديث المتواترة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.
وقد تبيّن أن في القرآن الكريم ثلاث نبوءات عن أرض الشام وفلسطين وفتحها تحريرها من الغزاة المختلفين، فأولاهما فتح القدس على يد الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله في السنة 16 من الهجرة. أما الثانية وهي العجيبة نبوءة تحرير القدس من الصليبيين. وقد قرأها عالم صوفي في بلاد الأندلس يدعى ابن برّجان قبل تحرير صلاح الدين الأيوبي للقدس بستين عاما حيث حدد الفتح باليوم والشهر والسنة أي في 27 رجب عام 583 للهجرة الموافق لسنة 1187ميلادية، وذلك من خلال تحليل سورة الروم تحليلا لغويا وعدديا كذلك ولكن بمنهج يختلف عن منهج الشيخ بسام جرار الذي أبدى عدم اقتناعه بمنطقية التحليل وموضوعيته. أما النبوءة الثالثة فهي زوال إسرائيل بما لا يدع مجالا للشك في وقتنا المعاصر، وتؤكد تحليلات الشيخ بسام أن ذلك سيقع في عام 1443 للهجرة أو 2022 ميلادية، ويمكن لمن درس الرياضيات أن يتحقق من هذا المنهج إذا ما تابع المحاضرة أعلاه. إلا إن الملفت للانتباه هو تصريح هنري كيسنجر السنة الماضية حيث قال نصا:
After 10 years, there will be no more Israel. I repeat, there will be no more Israel
أي أن ذلك يوافق سنة 2022. ومن يعرف هنري كيسنجر يعلم أنه من المطلعين على بواطن الأمور وأعماقها. وهو على كل حال، الأب الروحي للكيان الصهيوني، وهو من أنقذه في بداية السبعينات بعد أن تلاعب على جميع حكام العرب وخدعهم جميعا وعمل تشتيت جمعهم بما فيهم الثعلبين أنور السادات وحافظ أسد. وأزيد من الشعر بيتا، حين نقرأ بكل اندهاش تصريح رئيس الوزراء الصهيوني الأسبق مناحيم بيغن (ادخل هذا الرابط لترى تصريحه باللغة الإنجليزية نصا عند ورود اسمه: من هنا) عند طرد قوات منظمة التحرير الفلسطينية وتحجيم القوت السورية في لبنان، حيث قال: "إننا نأمل عقد اتفاق يعطينا أربعين عاما من السلام". فلماذا 40 عاما تحديدا؟ وهذه المدة التي تبدأ من سنة 1982 تنتهي سنة 2022. وقد ذكرت مصادر توراتية، حتى قبل نشوء دولة إسرائيل الحالية، أن مملكة إسرائيل ستقوم مجددا لست وسبعين سنة حسب تقويم التاريخ القمري اليهودي الذي يختلف عن التقويم القمري الهجري، وهو ما يوافق 2022/2023. لكني أضيف أن هنالك قراءات مختلفة لنبوءات زوال إسرائيل كقراءة الشيخ الشهيد بإذن الله أحمد ياسين بأن منهجه يعتمد على فترة تيه بني إسرائيل في سيناء ومرور جيلين حتى انصلح حالهم وفتحوا الأرض المقدسة، فيحكم بأن فترة إسرائيل القصوى لن تزيد 80 عاما وستنتهي دولتهم عام 2027.
ونشير هنا إلى أن الله تعالى قدّم النبوءات لا ليتواكل الناس ويتكاسلوا، بل لتكون بشارة لهم لاسيما في أوقات الضعف وعدم اليقين من الانتصار، ولكي يجتهد كلٌّ في مجاله إلى أن نتخلص من هذا الكيان السرطاني الخبيث الذي يمنع من تطورنا ووحدتنا ومن عودة عالمية الإسلام وانتشار فهمه الصحيح الذي يؤدي لخير البشرية وسعادتها. أما من لا يريد تصديق النبوءة فنحيله إلى قول الله تعالى بنفس السورة:
{قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا (108) وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا (109)}
والحمد لله الذي لم يجعل عوجا لكتابه الكريم، وأنزله بالحق على رسول كريم ليبشر به البشرية وينذرهم من حساب يوم عظيم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الملفات المرفقة
عذراً, لا تستطيع مشاهدة المرفقات إلا بعد الرد على الموضوع
الرجاء عدم نقل ترجماتي لأي موقع أو منتدى آخر
الآن:Missing Links التالي: Nicholas & Alexandra 1971
قريبا بإذن الله