رسالة إلى داعية بمناسبة قدوم موسم الحج
صلاح عبدالشكور
إلى الدعاة الفضلاء.. إلى الأساتذة الكرام.. إلى إمام المسجد المبارك.. إلى سائر ساكني بلد الله الحرام إلى العاملين في حقل الدعوة أيًّا كانوا.. تحايا القلب المعطرة تكاد تخرج من غير استئذان.. وكلمات السلام تتزاحم على الشفاه وهي تدعوا لكم بالتوفيق والنجاح.. وأحرفي هذه أراها تتفاخر نشوة بلقائكم عبر هذه الأسطر التي نلتقي في ظلالها...
أخي الداعية - وكلنا ذاك -: هاهي الأيام تطوي بعضها بعضًا.. وهاهي الأشهر تتوالى علينا سراعًا لنقف جميعًا على مشارف شهر عظيم وموسم فضيل.. تهفو النفوس لذكراه.. وتتلهف الأفئدة للقياه لتنعم بحج البيت العتيق...
أيها المبارك: هذا موسم الحج قد أطل علينا من جديد.. وهاهي نفحات السعادة انبعثت لتنشر بين جوانحنا فوح الطاعة وأريج العمل الصالح.. وأنت أيها الداعية لي معك حديث أخصك به.. كيف لا وقد حملت على كاهلك أعظم ما اختُص به أنبياء الله ورسله ألا وهي مهمة الدعوة إلى الله وتبليغ دينه...
أخي: يا من منّ الله عليك بهذه النعمة الجليلة.. أظن أنه لا يخفاك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستغل الفرص في دعوته إلى الحق وينتهز المواقف ليسخرها في الوعظ والتذكير، وقد كان صلى الله عليه وسلم يترقب تجمعات الناس في المواسم ويذهب إليها ليبلغ دين الله.. وكان لا يدع أية فرصة إلا وسخرها في الدعوة.. ويراعي في ذلك أحوال الصحابة الكرام.. فلما مرّ ذات يوم على جدي أسكّ (الغنمة الميتة) ذكرهم بحقارة الدنيا.. وعندما بعث خالد بن الوليد بديباج مخوص بالذهب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أخذ الصحابة يتعجّبون من نعومته ولينه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفس محمد بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا)) ولو ذهبنا نستقرأ مواقفه صلى الله عليه وسلم في هذا لطال بنا الحديث.
فهل أدركت أخي الغالي هذه الفرصة الدعوية التي لا تتأتى في العام إلا مرة واحدة.. فماذا أعددنا لها من خطط وأفكار وبرامج وأهداف لنهدي الناس إلى الخير؟!.. ونستقطبهم إلى شاطئ الهداية.. وننقذهم من طوفان الرذيلة.. فكم هم أولئك الذين قد عقدوا العزم من الآن لحج بيت الله العتيق في أنحاء العالم وكم من أفواج وأفواج قد أخذت تتوافد إلى حرم الله استعدادًا لذلك المجمع الميمون الذي يباهي الله به ملائكته الله.. فمتى سندعوا إلى الله إن فرطنا في مثل هذه الفرص المواتية المباركة...
أخي: أيها الداعية إلى الحق: اسمع لهذا الخبر الهام يقول أحدهم: قدّر لي أن أتواجد أثناء إجازتي في مكان ومع أناس كانوا يشاهدون نهائي كاس العالم في اليابان وبالتالي فقد تسنّى لي مشاهدة أجزاء من اللقاء الختامي ثم بعضًا من مراسم تتويج بطل العالم.. إلى هنا والأمور طبيعية جدًّا..
ولكن لا أدري هل تابع البعض ما حدث عقب نهاية المباراة فورًا أم لا؟؟؟ هل لاحظتم تلك الفانيلات البرازيلية التي استبدلت بفانيلات بيضاء مكتوب عليها عبارات باللغة الإنجليزية ربما لم ينتبه إليها البعض وربما لم يفهمها البعض الآخر.....
ولكن هل تدرون ماذا كانت تقول: We belong to jesus .. jesus loves you، وغيرها، والعبارات تعني بالعربية "نحن ننتمي للمسيح.. المسيح يحبكم"
وغيرها مما لم يتسنَّ لي رصده في تلك اللقطات العابرة ولكن من المؤكد وجودها حيث كثرت تلك القمصان البيضاء واختلفت الرسومات والكلمات التي فيها..
ربما ظن البعض أنَّ ذلك كان حدثًا فرديًّا عابرًا لا دلالة فيه.. فليس دعاة النصرانية على تلك الدرجة من الغباء..
فهم يعلمون جيدًا أن اليابان بلد لا ديني ومعظم سكانها ملحدون وفي نفس الوقت هم يعلمون تعلُّق الشباب والنشء العالمي بالأداء البرازيلي الكروي الرفيع...
ولذلك كانت أحسن فرصة للدعوة إلى النصرانية بإبراز تلك العبارات أمام اليابانيين والعالم أجمع حتى تكون بداية انطلاقة وتفكر ونقطة تحول لكثير ممن تأثر بأحداث المونديال وأيضًا لكل من عاش محتارًا يبحث عن دين ليجد المسيح يستقبله بكل عبارات الحب والترحيب في الوقت الذي نام المسلمون وانشغلوا إما برغيف خبزهم أو بالبحث عن مصارف لشهوتهم أو بتفاهات وكماليات لا عد لها ولا حصر وآخرها المتابعة والتصفيق وبحرارة لهؤلاء الدعاة إلى النصرانية..
وبعد هذا فماذا تنتظر أخي الداعية.. وأنت الذي تملك مشعل الحق وعنوان الهداية فقم أخي المفضال من لحظتك وشمّر عن ساعديك داعيًا إلى الله وهاك بعض الاقتراحات والأفكار التي أدلك عليها عسى الله أن يكتب لي أجر دلالتي عليها:
1) تعليم الناس أمور الدين وخاصة أمور العقيدة وما يقع في فهمها وتطبيقها من أخطاء وبيان مقاصد الشريعة وعاني الإسلام الرفيعة.
2) إلقاء المواعظ والدروس في المساجد وخاصة عن التوبة والرجوع إلى الله والإقلاع عن بعض الذنوب التي اعتادها بعض الناس.
3) توزيع الأشرطة والمطويات والكتيبات النافعة بشتى اللغات
4) زيارة أماكن الحجاج ومساكن إقامتهم للتعرف عليهم وإهدائهم الكتب والأشرطة النافعة والتي سيحملونها تباعًا إلى بلدانهم.
5) كسب قلوب الحجاج بالابتسامة الصادقة والمساعدة وحسن الاستقبال.
6) استغلال خطب الجمعة بإلقاء المواضيع ذات الأهمية بواقع المسلمين.
7) الاهتمام بلوحة الفوائد في المساجد وتعليق فتاوى الحج ما يحتاجه الحاج من معرفة أحكام الحج وكذلك عمل صندوق فتاوى للمصلين للإجابة على أسئلتهم
8) تذكير الناس بأهمية صلاة الجماعة واستغلال العشر الأول من ذي الحجة
9) الحث على أداء فريضة الحج لمن استطاع والتحذير من التكاسل والتأخير مع بيان فضائل الحج وأجر الحاج.
10) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والكلمة الطيبة وخاصة في المشاعر أيام الحج.
وهناك العديد العديد من الأفكار والاقتراحات في هذا الباب ولا أخالك إلا أعلم مني بما ذكرت نسأل الله أن يوفقنا للخير ويرزقنا الإخلاص في القول والعمل فقم أخي المبارك وقدم ما تستطيع وتذكر قول المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: ((إن من الناس مفاتيح للخير مغاليق للشر وإن من الناس مفاتيح للشر مغاليق للخير فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه))؛ رواه ابن ماجه وصححه الألباني.