بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
°°((هكذا علم الله المرأة))°°
الحمد لله الجميل في وصفه، الحكيم في أمره ونهيه، الرحيم بجميع خلقه، والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد، المبعوث بالحكمة والقرآن، وعلى آله وأصحابه، ومن أحبهم وكان على سبيلهم يسير.
وبعد أيتها المسلمة – سددك الله -:
إن الله تعالى هو الخالق لك وللرجل، وهو سبحانه أعلم بما يصلحك ويصلحه، فكوني راضية بما كتب وقسم، ومطيعة له في الأمر والنهي، تهنئين في العاجلة والآجلة وتسلمين.
أيتها المسلمة – سلمك الله -:
لقد علم الله ـ عز وجل ـ المرأة كيف تستتر عن أعين الرجال الأجانب، فقال سبحانه: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى }.
فجعل القرار في البيت أصل سترها، وركنه الأقوى، وسياجه المنيع، وأمنه الكبير، وحماه الأكيد، وحفظه الفعَّال، وسلامته الرفيعة.
بل إن الصلاة التي هي ثاني أركان الدين، وأحد مبانيه العظام، وأصوله الكبار فِعْلها في البيت خير للمرأة من المسجد.
حيث ثبت عن امرأة أبي حميد الساعدي ـ رضي الله عنه ـ أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، فقال: (( قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكِ تُحِبِّينَ الصَّلَاةَ مَعِي..، وَصَلَاتُكِ فِي دَارِكِ خَيْرٌ مِنْ صَلَاتِكِ فِي مَسْجِدِ قَوْمِكِ )).
وهذه الخيرية للصلاة في البيت لم يدفعها أن المسجد مسجد قومها، وعُمَّاره أو أكثرهم من أهلها وقبيلتها، أحفظ الناس لها، وأسترهم عليها وأغيرهم.
وعلمها الله ـ عز وجل ـ إن هي احتاجت إلى الخروج من البيت كيف وماذا تلبس؟ وما فائدته لها؟ فقال سبحانه آمراً: { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ }.
والجلباب هو: الكساء الذي تلبسه المرأة من رأسها إلى قدميها فيغطي جميع بدنها وما عليه من ثياب وزينة.
ويقال له أيضاً: العباءة والملاءة والرداء والملحفة.
وقال سبحانه آمراً: { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ }.
والخمار هو: ما تشده المرأة من اللباس على رأسها فيغطي شعرها وعنقها ونحرها.
بل وذكر سبحانه لها أنموذجاً صالحاً تقتدي به إن هي خرجت من بيتها، فقال سبحانه عن ابنة صاحب مدين: { فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا }.
وثبت عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أنه قال مبيناً معنى هذه الآية:
(( جَاءَتْ تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَائِلَةً بِثَوْبِهَا عَلَى وَجْهِهَا لَيْسَتْ بِسَلْفَعِ خَرَاجَةٍ وَلاجَةٍ )).
والسلفع من النساء: هي الجريئة السليطة.
وهذا أنموذج ثاني تقتدي به المرأة، وتعرف مدى حرص أم المؤمنين أم سلمة ـ رضي الله عنها ـ على أن لا تظهر أقدامها، وأقدام أخواتها من النساء.
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((«مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ مِنَ الْخُيَلَاءِ، لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، فَقَالَتِ أُمُّ سَلَمَةَ: فَكَيْفَ يَصْنَعُ النِّسَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ: «يُرْخِينَ شِبْرًا»، قَالَتْ: إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ، قَالَ: «فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا، وَلَا يَزِدْنَ عَلَيْهِ»)).
وعلمها الله ـ عز وجل ـ إن هي مشت أمام الرجال الأجانب أن لا يكون في مشيها ما يجر أنظارهم إليها، ويورث الطمع بها، فقال سبحانه: { وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ }.
وعلمها الله ـ عز وجل ـ إن هي احتاجت إلى مخاطبة الرجال الأجانب من مفتين وأطباء وباعة وخدم وسائقين وغيرهم كيف تتكلم، وبين لها عاقبة الإخلال بهذا الأدب، فقال سبحانه: { فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا }.
وعلم الرجال معها إن احتاجوا إلى كلام مع غير المحارم كيف يصنعون، وأبان للجميع منفعة هذا الأدب، فقال سبحانه: { وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ }.
وعلمها الله ـ عز وجل ـ إن هي رأت الأجانب من الرجال كيف يكون نظرها، وعلى أي صفة، فقال سبحانه: { وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا }.
وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
وكتبه:
عبد القادر بن محمد بن عبد الرحمن الجنيد.