جناية (الموضة) على المرأة
عبد الله بن علي الجعيثن
معظم الذين يتحكمون في بيوت الازياء العالمية من اليهود الذين لا خلاق لهم، وأهدافهم ليست تجارية بحتة فقط، ولكنها تمتد الى ما هو أسوأ من ذلك، وتتعمق الى ما هو أقسى على الأسر.. والمجتمعات.. والأمم.. عن طريق نشر التحلل بوجه براق.. وتجذير الفساد بشكل خدّاع.. وجعل المرأة مجرد سلعة في يد اليهود.. وتشكيلها على ما يريدون.. ودفعها الى تحقيق اهدافهم التي يقصدون.. والسيطرة من خلالها على الرجال.. وعلى الاجيال القادمة.. وعلى القيم السائدة.. وعلى اكبر مصدر للقوة وهو (الثروة).
فمن المعلوم أن أكبر مستهلك على وجه الأرض.. وفي كل بلد.. هو المرأة.. خاصة ما يتعلق بأزيائها.. وجمالها.. وشكلها.. ومواكبتها للعصر.. وحداثتها في كل شيء..
واليهود أنفسهم.. الذين يسيطرون على بيوت الأزياء التي تصنع (الموضة).. هم الذين يسيطرون على منابع لاعلام العالمي.. إلا القليل.. ومن خلال الاعلام بمختلف قنواته الهائلة.. مرئية.. ومقروءة.. ومسموعة.. يمارسون عملية (غسل دماغ) كاملة للنساء.. إلا القليل منهن..
من خلال وسائل الاعلام الهائلة التي يمتلكها اليهود، والتي تشبه البحار العاتية.. العالية الامواج.. يلعبون بمعظم النساء كما شاءوا.. يرفعونهن مع الموج.. ويخفضونهن.. ويتحكمون في رغباتهن لأنهم هم الذين يصنعون تلك الرغبات.. ويصنعون عندهن إحساساً بأنهن ناقصات.. متخلفات.. وقبيحات.. إذا لم يسايرن آخر صيحات.. ومما يؤسف له ان وسائل الاعلام في اكثر الدول العربية، والاسلامية، والنامية، تسير على نهج بيوت الازياء العالمية في هذا المجال، وتقلدها تقليد الأعمى، ويكون فخر كثير منها بالإمعان في تلك التبعية والتقليد حتى إننا لنجد معظم مجلات المرأة العربية تتبارى في تقديم آخر صيحات الموضة، على أجمل الورق وأفخره، وبأبهى الألوان، وتقدم عارضات الأزياء على انهن النموذج الأرقى في الأناقة، والرشاقة، والقدوة المثلى في طريقة المشي بما فيها من تخلع، وتدلع، وميوعة، وهز لمواضع الانوثة في المكان العام، وإبراز لمواطن الفتنة بين الرجال..
وفوق هذا تغرق بيوت الموضة للأزياء ــ وتتبعها معظم مجلات المرأة العربية وبرامجها في الفضائيات ــ النساء بالإسراف الحاد، والتبذير السفيه، وإشغال كل وقت المرأة بما تلبس في الصباح، وفي الظهيرة، وفي المساء، وماذا تضع على وجهها من أصباغ، وألوان، وكريمات حسب إضاءة الكون من صباح ساطع الشمس، او أصيل بادي الشحوب، او ليل مخملي أسود تتلوى فيه الإضاءة الصناعية، وتبرق معها الفساتين العارية الكاسية، وتتلوى معها الأجسام الغضة البضة، وتتمايل فوق الكعوب العالية، ويغرق الجميع في شهوة الجنس، وفتنة النساء، وقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " «ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء» ."
وصيحات الموضة التي يطلقها الصهاينة من خلف الأستار، وخطوط الأزياء النسائية التي تحركها أصابعهم الخفية ـ إلا ما ندر ـ حريصة على إغراق العالم ـ الرجال والنساء على حد سواء ـ في ملاذ الشهوات، وبحار الجنس، وإغواء الفتنة الصارخة التي تذهب بعقل الحليم، وتلعب بمشاعر الرجل الثقيل الرزين، وتأتي على القيم، وتلتهم جلائل الأمور، وتشغل الرجال والنساء بشهوات الجسد، وتشعل فيها نيران اشتهاء لا تنتهي، بل هم يوقدونها كل يوم بالمزيد من الاختراعات الفاتنة التي تميس على قدود النساء صارخة جائعة، كاسية عارية، بل هي ما تكاد تكسو جزءاً إلا لتبرز مفاتن ما حوله، ولتغلفه هو بما يشعل نار الخيال..
تقول نازك الملائكة :
"... لننظر في المجلات التي تسمي نفسها "نسائية".. فماذا سنجد فيها؟.. إنها في أغلب الحالات مجلات أزياء.. لا تجعل للمرأة هدفاً أبعد من ملابسها وحقائبها وأحذيتها.. وهذه المجلات تعامل المرأة الحديثة معاملة جواري ألف ليلة وليلة.. فتكتب لهن أمثال هذه العناوين المهينة:
"سيدتي، ماذا تلبسين في رحلة بحرية؟".. أو: "فساتين للصباح.." أو: "تسريحات للشعر بعد الظهر ".. أو: "بأي ملابس تظهرين في حفلة العشاء؟"
فما تلبسه المرأة في الصباح يختلف عما تلبسه في المساء.. وما تلبس في حفلات الرياضة يختلف عما يلبس بعد الظهر .. وثياب المنزل تختلف عن ثياب الخروج.. ولضفاف البحر ملابس خاصة.. وعلى المرأة المتوسطة ان تكون لها ملابس لكل المناسبات!! مع الالتفات أن لكل ثوب عقداً خاصاً به.. وأقراطاً.. وأحمر شفاه ينسجم معه.. وحذاء وحقيبة!..
واختصارًا للموضوع تجد المرأة أنها إذا أرادت أن تكون أنيقة ـ كما تدعوها المجلات والإذاعات ـ فسوف تدرك أن الحياة كلها لا تكفي للإناقة.. أما العقل فيتقاعد منسياً تحت الغبار الكثيف.. وأما الروح فينحط مستواه ويقتله المظهر فلا يبقى منه إلا خواء فارغ.."
قلت :
هذه شكوى امرأة عاقلة من مجلات النساء ـ معظمهن ـ ومن بيوت الأزياء.. ذلك أن الشر يطال المرأة والرجل معاً وبالتالي الأسرة.. والأطفال.. والمجتمع.. والأمة.. فتفريغ المرأة وجعل جل اهتمامها في ثيابها.. يصرفها عن تربية أولادها.. ويجعلها تهمل بيتها.. وعقلها.. فضلاً عن مجتمعها.. وأمتها.. بل إن المرأة إذا استسلمت تماماً لبيوت الأزياء والموضة (وهي صهيونية في معظمها) تصبح وبالاً حقيقياً على مجتمعها فهي فتنة تسير على الأرض، وقنبلة تنفجر في صروح القيم، و(بالوعة) تبتلع أموال الأمة وتحولها إلى تلك البيوت العالمية المشبوهة.. ولا يعني هذا بأي حال من الاحوال أن كل من تسير على خطوط الموضة العالمية بذلك الشكل، او انها سيئة السلوك أو النية، فهناك من يتبعن تلك الخطوط بتمييز شديد وعقل ووعي ومعرفة بما يناسب وما لا يناسب، وما يليق وما لا يليق، وتأخذ من تلك المبتكرات ما يصلح وتنبذ ما لا ينفع..
المشكلة الحقيقية هي في الوضع العام لسيطرة بيوت الازياء والموضة على عقول الكثير من النساء بلا تفكير ولا مراجعة ولا تمييز وكأنهن مخدرات او منومات مغناطيسياً ترى الواحدة منهن أنه ليس في الإمكان أبدع مما كان سواء أقدرت على اقتناء تلك الموضات والأزياء أم لم تقدر فإن لم تقدر ظلت غصة في قلبها وإحساساً بنقصها.
وهناك ناحية اخرى يجني بها تجار الموضة والأزياء على معظم النساء وخاصة المراهقات والشابات.. وهي جعل (النموذج الجميل) لجسم المرأة هو (جسم عارضة الازياء) وهو جسم نحيف مخيف في نحافته (عظم على وضم)
إن هناك مراهقات وشابات في انحاء العالم يعذبن انفسهن أشد العذاب لكي تصل الواحدة منهن إلى ذلك الجسم النحيف المخيف في نحافته معتقدة أنه القدوة المثلى والنموذج الأعلى في الجمال، وهو في الواقع نموذج القبح والهزال والضعف ومسخ الأنوثة وتدمير الصحة وسلب المناعة وكأنه الايدز أو مقدمة الإيدز..
نساء في أنحاء الدنيا ـ وخاصة المراهقات ـ يتبعن ريجيماً مخيفاً خطيراً بل مهلكاً لكي يفسدن أجسامهن والواحدة منهن تحسب أنها تحسن صنعاً ومادرت أنها تقتل جمالها وتهلك صحتها وتفسد نضارتها وتمحق أنوثتها وتعذب نفسها وأهلها وتحيل جمالها إلى قبح بنفسها وهي لا تشعر
وإذا لم يكن عون من الله للفتى فأول ما يجني عليه اجتهاده
وبيوت الازياء !!!