ماذا نريد من رمضان - كيف نستغل موسم رمضان
ماذا نريد من رمضان
بقلم: د. مجدي الهلالي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة السلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد!!
فإنَّ من رحمة الله وفضله علينا أن جعل لنا في هذه الحياة الدنيا محطاتٍ نتزوَّد فيها بالإيمان والتقوى، ونمحوُ ما علق بقلوبنا من آثار الذنوب والغفلات.. نلتقط فيها أنفاسنا، ونعيد ترتيب أوراقنا، فنخرج منها بروحٍ جديدةٍ، وهمةٍ عاليةٍ، وقوةٍ نفسيةٍ تُعيننا على مواجهة الحياة وما فيها من جواذب وصوارف، وتيسِّر لنا أداء المهمة التي من أجلها خلقَنا الله عز وجل.
فإذا ما بحث الواحد منا عن تلك المحطات وجدها كثيرةً.. فمنها اليومية كالصلوات الخمس، ومنها الأسبوعية كيوم الجمعة، ومنها السنوية كشهر رمضان، ومنها ما قد يكون مرةً واحدة في العمر كالحج والعمرة.
والسعيد من رتَّب أوراقه وهيَّأ نفسَه للاستفادةِ من تلك الفرص قبل قُدومها عليه، فلا يدعها تمر حتى يتزوَّد منها بكل ما يحتاجه في رحلته إلى الله عز وجل، كما قال الله تعالى: ?وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى? (البقرة: من الآية 197)، ومن أهم المحطات التي تمرُّ على المسلمين مرةً واحدةً كل عام شهر رمضان، فها هي الأيام تمضي ويهلُّ علينا الشهر الكريم بخيره وبركته، جعله الله عز وجل موسمًا لاستباق الخيرات، النافلة فيه كالفريضة والفريضة كسبعين فريضة في غيره.
شعاره يا باغي الخير أقبل.. الشياطين فيه مصفدَّة، وأبواب النيران مغلَّقة، والأجواء مهيَّأة لنَيل المغفرة والرحمة والعتق من النار، تزيَّنت فيه الجنة ونادَت خطَّابَها أن هلموا إليَّ.. أسرِعوا الخطى، فالسوق مفتوحة والبضاعة حاضرة، والمالك جواد كريم، ومما يعيننا على ذلك معرفة ماذا نريد من هذا الضيف الكريم، وما الوسائل التي سنستخدمها؟!
وهذه السطور التي بين أيدينا محاولةٌ للإجابة عن هذا السؤال، والله من رواء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل.
شهر المغفرة
يقول- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم-: "رغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم انسلخ قبل أن يغفر له.. الحديث" فمَن لم يُغفَر له في رمضان فمتى يُغفر له؟!.. أيُغفَر له وهو غارقٌ في بحرِ الدنيا بعيدٌ عن الآخرة؟ أم يُغفر له وهو يهلث وراءَ الدرهم والدينار وطلبات الزوجة والأولاد؟! نحن لا نتألَّى على الله ولكنْ- كما أخبرنا سبحانه وتعالى- إنَّ للمغفرة أسبابًا، ولدخول الجنة تكاليف، فليس الإيمان بالتمنِّي ولكن ما وقر في القلب وصدَّقه العمل.
ولقد بيَّنت الكثيرُ من الآياتِ أنَّ للجنةِ ثمنًا لا بدَّ أن يُوفَّى ممن يريد دخولها، يقول تعالى: ?وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنْ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) ?