الاسلامي مشاهده وتحميل اسلاميات Islamicالمواضيع المميزه بالمنتديات الإسلامية منتدى العلوم الشرعية منتدى السيرة النبوية الشريفة منتدى التاريخ الإسلامي منتدى المرأة المسلمة روضة المنتديات الإسلامية
بإشراف zoro1 , messaide saadne , عبد العزيز شلبي nadgm
ومن احسن قولا ممن دعا الى الله وعمل صالحا وقال انني من المسلمين
فقد قال - تعالى -: ﴿ يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [البقرة: 269].
وثبت في صحيح مسلم [1352 - 816]: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا وكيعٌ، عن إسماعيل، عن قيس، قال: قال عبدالله بن مسعود، ح، وحدَّثنا ابن نمير، حدَّثنا أبي ومحمَّد بن بشر، قالا: حدثنا إسماعيل، عن قيس، قال: سمعت عبدالله بن مسعود يقول: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا حَسَدَ إلا في اثنتين: رجل آتاه اللهُ مالاً، فسلَّطه على هلكتِه في الحقِّ، ورجل آتاه اللهُ حكمةً، فهو يقضي بها ويعلِّمُها)).
من الحكمة حفظُ نفسِك من المكروهاتِ قبل أن تقعَ "من".
ومما يندرج تحت هذه الحكمةِ العامة ما يلي:
الأول: احفَظْ نفسَك عن الجهل، وعدمِ الفقه في دينِك؛ للحفاظ من الشرور".
شرح الحكمة:
في الحديث: ((مَن يُرِد اللهُ به خيرًا، يفقِّهْه في الدِّين)) رواه البخاري.
لذلك ما من بدعةٍ نشأتْ في الإسلام - أو ستنشأ - إلا سببُها عدمُ الفقه والجهلُ، كما لم تقَع فتنةٌ إلا وسببُها الجهلُ وعدمُ الفقه، وربما يكونُ إيثار الدُّنيا عن الآخرة مع معرفة الحقِّ، ولكنَّ الذي اختار الدنيا عن الآخرةِ جاهلٌ كذلك، وليس من العلماء؛ كما قال - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ﴾ [فاطر: 28].
((من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا، سهَّلَ الله له طريقًا إلى الجنة، وإنَّ الملائكة لتضع أجنحتَها رضًا لطالب العلم، وإنَّ طالبَ العلم يستغفرُ له من في السماء والأرض، حتى الحيتانُ في الماء، وإنَّ فضل العالِم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إنَّ العلماءَ ورثةُ الأنبياء، وإنَّ الأنبياءَ لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، إنما ورَّثُوا العلمَ، فمن أخذه، أخذ بحظٍّ وافرٍ))[1].
• وما ذاك إلا أنَّ العلمَ نورٌ، ينيرُ لك الطريقَ، وتعرِفُ به ما تأخذُ وما تذَرُ، والحلالَ والحرامَ.
وثبت في صحيح البخاري: ((إنَّ أتقاكم وأعلَمكم بالله أنا))، فيتلازم العلمُ والتقوى، ولكن كيف بمن لا علمَ له أن يتَّقي وهو لا يعرف ما يتَّقي! بل وكيف يؤمِنُ أحدٌ وهو لا يعرف ما يؤمن به من الكتاب والسنَّةِ بالفَهم الصحيح الصافي الموروثِ عن سلفِنا الصالح؛ لذلك أوجب اللهُ طلبَ العلمِ على كلِّ مسلمٍ، وفي الحديث: ((طلبُ العلمِ فريضةٌ على كل مسلمٍ))[2].
والعجبُ إذا أراد آحادُ المسلمين اليوم الدُّنيا، عبَروا البراري والصَّحاري والمحيطات، ولم يُبالوا بعيالهم، ولم يتعذَّروا بهم؛ حتى يحصِّلوا هذه الدنيا، وإذا كانت الأخرى والسَّعي لها، فإذا هم من أضعفِ خلْق الله، وتعذَّروا بالعيال مع كثرةِ التسهيلات المتوفِّرة في هذا العصر.
وفي الحديث المتَّفق عليه: أنَّ قومًا من أهل اليمن تركوا ديارَهم؛ ليتفقَّهوا دينَهم مع المسافة الشاسعةِ بينهم وبين المدينة، وحدَثَ وهم حضورٌ أنْ عرَض النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لقومٍ من بني تميمٍ البشرى، فبادروا بطلبِ الدنيا، فقالوا: بشَّرتَنا فأعطِنا، وهذا - كما تلاحظ - فرقٌ بين مَن همُّه طلب الدار الآخرة خالصًا لله، وبين مَن همُّه الدنيا أو طلبُه للآخرة قليلٌ، ونصُّ الحديثِ كما يلي:
حدثنا عمر بن حفص بن غياث، حدثنا أبي، حدثنا الأعمشُ، حدثنا جامع بن شدَّاد، عن صفوان بن مُحرِز أنه حدَّثه عن عِمران بن حُصين - رضي الله عنهما - قال: دخلتُ على النبيِّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - وعقَلت ناقتي بالباب، فأتاه ناسٌ من بني تميمٍ، فقال: ((اقبَلوا البُشرى يا بني تميم))، قالوا: قد بشَّرتنا فأعطِنا "مرَّتين"، ثم دخل عليه ناسٌ من أهلِ اليمن، فقال: ((اقبَلوا البُشرى يا أهلَ اليمنِ أَنْ لم يقبَلْها بنو تميمٍ))، قالوا: قد قبِلنا يا رسول الله، قالوا: جِئنا نسألُك عن هذا الأمرِ، قال: ((كان اللهُ ولم يكن شيءٌ غيرُه، وكان عرشُه على الماء، وكتب في الذِّكر كلَّ شيءٍ، وخلق السموات والأرض))، فنادى منادٍ: ذهبَتْ ناقتُك يا ابنَ الحُصين، فانطلقتُ، فإذا هي يقطعُ دونها السَّرابُ، فواللهِ لوددتُ أني كنتُ تركتُها)) البخاري (8/ 98).
الثاني: "احفظ العلمَ، فلا تذلَّه، فتتصدَّى للمستغنين عنه؛ فإنَّ العلمَ يُؤتى ولا يأتي".
وذلك لأن الحكمةَ التي أنزل اللهُ هي أن تضعَ كلَّ شيءٍ موضعَه، وأعظمُ ما يجب أن تضع موضعَه هو العلم الذي عظَّم اللهَ حاملوه؛ إذ شهدوا وحدانيةَ الله معه ومع ملائكتِه؛ قال - تعالى -: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾ [آل عمران: 18].
قال - تعالى -: ﴿ أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى * فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى ﴾ [عبس: 5، 6].
وقال ابن عباس - رضي الله عنهما -: "العلمُ يُؤتى ولا يأتي".
ولَمَّا قدِم البخاريُّ - رحمه الله - أرض خراسان، طلب أحدُ أمرائها من البخاري أن يأتيَه وبكتبِه، فرفض البخاري - رحمه الله - ذلك الطلب؛ لأن العلمَ يؤتى ولا يأتي.
ورُوي عن بكر بن منير بن خليد بن عسكر أنه قال: بعث الأمير خالد بن أحمد الذُّهْلي والي بُخارى إلى محمد بن إسماعيل أنِ احمل إليَّ كتاب الجامع والتاريخ وغيرَهما؛ لأسمعَ منك، فقال لرسوله: أنا لا أُذِلُّ العلمَ، ولا أحملُه إلى أبواب النَّاس، فإن كانت لك إلى شيءٍ منه حاجةٌ، فاحضُر في مسجدي، أو في داري، وإن لم يُعجِبْك هذا، فإنك سلطانٌ، فامنعني من المجلس؛ ليكون لي عذرٌ عند الله يوم القيامة؛ لأني لا أكتمُ العلمَ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((من سُئِل عن علمٍ فكتمه، أُلجِم بلجامٍ من نارٍ))، فكان سببُ الوحشة بينهما هذا.
الثالث: "احفظ نِعَمك من الحسَّاد؛ لئلا يحسدوك".
شرح الحكمة:
1- من فائدة هذه الحكمةِ أن تنجو من الإصابة بالعين.
ثبت في صحيح مسلم - رحمه الله - عن عبدالله بن عباس - رضي الله عنهما - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((العين حقٌّ، ولو كان شيءٌ سابقَ القدرِ، سبقَتْه العينُ)) رواه مسلم.
وأيضا في الحديث الذي رواه أبو نعيم في الحِلية وابن عدي بإسنادٍ حسن عن جابر - رضي الله عنه - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((العينُ تُدخِلُ الرجلَ القبرَ، وتُدخِلُ الجَمَلَ القِدْرَ))[3].
وقال - تعالى -: ﴿ وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ ﴾ [القلم: 51].
لذلك ينبغي ألا تتباهى بما رزقك اللهُ من الخيرِ أو الجَمَال أمام الناس، ويُروى أن رجلاً كان من الصالحين، وكان أراد أن يُقِيم فرسَه، فرأى رجلاً عائنًا، فقال وهو ينتهرُها: ما لها لا تقومُ إلا أنْ يقامَ أو كلمةً نحوها، وما أراد ذلك إلا ليصرفَ عينَ العائن من فرسه، فتلفَّظ العائنُ بكلامٍ يسخَر من فرسِه.
وأيضا من فائدة الحِكمة تركُ الفخر والمباهاة، وأن يحصُلَ لك التواضعُ، وألا تكونَ من الجبابرة، وفي صحيح مسلمٍ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ((إنَّ اللهَ أوحى إليَّ أنْ تواضعوا؛ حتى لا يبغيَ أحدٌ على أحد، ولا يفخَرَ أحدٌ على أحدٍ))[4].
وأيضًا من فائدة الحكمة أن تنجوَ من تآمر الأشرارِ ليعتدوا عليك، وإن كان الحذرُ لا ينفعُ من القدرِ.
ومع ما قلتُه لا يعني أن تتبذَّل وتتظاهرَ بالزهد البارد، وإنما عليك أن تتوسَّطَ في أمورِك كلها، بدون إظهار تميُّزٍ زائد؛ ولذلك نُهِيَ عن لباس الشُّهرة.
وإذا قلتَ: هذا ينافي إظهارَ النِّعَم والتحدُّث بها؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ ﴾ [الضحى: 11]، قلتُ لك: لم تقصِد الآيةُ نِعَم الحياة الدنيا في سبب نزولها، وإنما نزلت على النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - يمتنُّ اللهُ - سبحانه - عليه فيها بنعمة الرِّسالة، وقد تدلُّ على إظهار النِّعم والتحدُّث بها، ولكن لا يعني التباهي والتفاخرَ على الناس، وإنما ينبغي أخذُ ما تيسَّر من تلك النِّعم، من غير إسرافٍ ولا تقتير - كما أسلفنا - وقد قال - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا ﴾ [الفرقان: 67].
وقد أمرتْ آيةٌ أخرى بالتحفُّظ والتوقِّي والحذر من الأشرار، وهي قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ ﴾ [النساء: 71]، وإذا قلتَ: الآيةُ نزلت في الجهاد، ولم تنزِلْ في أمورِ الدنيا، قلتُ لك: الحذرُ الذي جاء فيها لا يُنافي أن نستدلَّ به على غيرِ أمور الجهاد بجامعِ مشروعيَّة التوقِّي من الأشرارِ كلِّهم، والله أعلم.
الرابع: احفظ نفسَك من المدح والثناء وألقاب المدح؛ لئلا تقعَ في عُجب وما لا تُحمَدُ عقباه.
شرح الحكمة:
عن مجاهد عن أبي مَعمر قال: قام رجلٌ يُثني على أميرٍ من الأمراء، فجعل المقدادُ يَحثي عليه الترابَ، وقال: أمرنا رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أنْ نَحثي في وجوه المدَّاحين التراب".
وروى الإمام مسلمٌ من طريق همام بن الحارث أنَّ رجلاً جعل يمدح عثمان - رضي الله عنه - فعمَد المقدادُ، فجثا على رُكبتيه - وكان رجلاً ضخمًا - فجعل يحثو في وجهه الحصباءَ! فقال له عثمانُ: ما شأنُك؟ فقال: إنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا رأيتم المدَّاحين فاحثُوا في وجوههم التُّراب)) رواه مسلم.
وعلَّق عليه شيخ عبدالرحيم سحيم في سؤال وجِّه إليه: "والمدحُ المنهي عنه: هو ما كان فيه مبالغةٌ، أو ما خُشِيَ على صاحبه العُجب"، وقال أيضًا: "فالمنهيُّ عنه: المبالغةُ والكذبُ في المدح، وليس كلُّ مادحٍ يُحثى في وجهِه التراب، إنما يُحثى في وجوه المدَّاحين، ومدَّاحٌ: صيغةُ مبالغةٍ؛ أي: مَن يكثُر ذلك منه، والله تعالى أعلم.
قال النوويُّ: "هذا الحديثُ قد حمله على ظاهره المقدادُ الذي هو راويه، ووافقه طائفةٌ، وكانوا يَحثُون التراب في وجهِه حقيقةً، وقال آخرون: معناه خيِّبوهم، فلا تُعطوهم شيئًا لمدحهم، وقيل: إذا مُدِحتم، فاذكروا أنكم من ترابٍ، فتواضعوا ولا تُعجَبوا، وهذا ضعيف"؛ ا.هـ.
وذلك لأن المدحَ يقصِم ظهر الممدوحِ؛ لكونه يظن أنه بلغ مبلغًا عظيمًا في الخير والعلمِ، ولَمَّا يَبلغ، وفي الآخرة لكونه يخسَرُ لحُبوط عملِه، وإرادةِ عمله لغير وجه الله؛ فلذلك ينبغي الابتعادُ عنه مهما استطعت؛ ولذلك كان العلماء الربانيون قديمًا وحديثًا يكرهون المدحَ والإطراء؛ لئلا يقعوا في هذه المزالقِ، وإنما ينبغي لمن أراد أن يمدحَ أحدًا أن يقول: أحسبه كذا والله حسيبُه، أو لا أزكِّي على الله أحدًا؛ كما جاء في الحديث المتَّفقِ عليه.
روى البخاري ومسلم من طريقٍ عن عبدالرَّحمن بن أبي بَكرة عن أبيه، قال: أثنى رجلٌ على رجلٍ عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ويلك، قطعتَ عنقَ صاحبِك، قطعت عُنق صاحبك)) مرارًا، ثم قال: ((مَن كان منكم مادحًا أخاه لا محالةَ، فليَقُل: أحسَب فلانًا والله حسيبُه، ولا أزكِّي على الله أحدًا، أحسبه كذا وكذا، إن كان يعلم ذلك منه)) متفق عليه.
الخامس: "احفظ نفسك من الشكاية".
شرح الحكمة:
فأنت عندما تشتكي لمخلوق؛ فإمَّا أنك تشتكي من الرَّحيم وهو الله إلى مَن يرحمك من المخلوقين، وربما لا يقدِرُ أن يعمل لك شيئًا، فتُحزنه، ولو كانت رحمتُه ليست بشيءٍ بجانب رحمة الله.
والله - سبحانه - له الحكمة البالغة في ابتلائِك، كإرادته لك تكفيرَ الذنوبِ، أو رفعَ درجاتٍ، أو تخويفَ غيرِه من العباد، أو أن يشكروا له، أو تستسلمَ إلى الله، وتفوِّض أمرك إليه، وتقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، فتنزلَ عليك الصلواتُ والرحمة والهداية، أو يعظُمَ توحيدُك وإيمانك وتوكُّلك، وتحقِّق وتصحِّح عقيدتَك بأنه هو الشافي وحده، وأنه لا يضرُّ ولا ينفع إلا هو.
وإما أن تشتكيَ إلى مَن لا يرحمك ويشمت فيك، فتزدادَ حزنًا إلى حزن، ولم تستفد شيئًا، بل خسِرت في دنياك وأُخراك.
ومن رجالات السلف من يُوجِعه ضرسه مدة من الزمن، ولا يدري حالَه من يعيش جنبه، وما ذاك كلُّه إلا للابتعادِ عن الشِّكاية إلى مخلوق؛ قال - تعالى - حكاية عن نبيِّه يعقوبَ: ﴿ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ ﴾ [يوسف: 86].
فتاللهِ إن هذا لهو الصبرُ الجميل، وهو تفويض الأمور إلى الله وحده؛ حتى مع الصدمة الأولى؛ إذ لم يزِدْ أن قال يعقوب - عليه السلام -: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ [يوسف: 18]، مع عدم الشِّكاية إلى المخلوقين، وعدم القُنوط من رحمة الله - جلَّ جلالُه.
السادس: احفظ نفسَك من تكريم اللئيم.
شرح الحكمة:
لا تُكرمِ اللئيمَ؛ فإن الكلب خيرٌ ممن كان حاله كذلك، فالكلب يعرف للمحسن إحسانَه، ولأنك إن أكرمتَه انقلب وتجرَّأ عليك، وأظهر عداوتَه لك بعد ما تقوَّى بإنفاقِك وإطعامك وإحسانك له، وهو الذي لا يعرف الحياءَ والكرم والشرف، إلا أن يخافَ أن يُؤدَّبَ ويُضرب أو يُسجن، ولا يخاف اللهَ.
ويدخل في ذلك مسألة العضلِ، وهو - مثلاً - أن يعضلَ الزوجُ زوجتَه إذا تراضيا وأرادا إصلاحًا، لا سيما إذا رزقهما اللهُ ذريةً، ومنه أن يأخذ الوالدُ - مثلاً - يَدَ ابنتِه إلى بيته ظلمًا وعدوانًا، وقد قال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 232]، وقال - تعالى -: ﴿ لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا وَلَا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ ﴾ [البقرة: 233]؛ لأن الزوجَ أكرَمَ الزوجة؛ لكونه سَتَرها وأحسن إليها، فينبغي مقابلةُ الجميل بالجميل، ولأن الزوجة كذلك أكرَمت زوجَها لمساندتها له في تنشئةِ جيلٍ صالح كريم، ولوقوفها إلى جانبه في السرَّاءِ والضراء، ويدخل في ذلك نسيانُ المعروف وعدم الوفاء؛ سواء كان ذلك بينهم [مع ناس بينه وبينهم رابطة زوجية، أو قرابة، أو رحِم، أو صداقة، أو معلم وتلميذه وغير ذلك، فلا ينبغي أن يكونَ الحالُ كما قال الشاعر:
أُعلِّمُه الرِّماية كلَّ يومٍ
فلمَّا اشتَدَّ ساعدُه رَمَاني
وكم علَّمتُه نَظْمَ القَوَافي
فلمَّا قال قافيةً هَجَاني
وقد قال - تعالى - ﴿ وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ ﴾ [البقرة: 237]، وذلك بعد الطلاق؛ أي: لا بدَّ من الوفاء، وعدم نسيان المعروف السابق والتراحمِ، وإحسان البعض للبعض الآخر في الدنيا والآخرة، ولكنَّ بعضَ الأُسَر تقوم عداوتهم - هداهم الله - بعد الطلاق، وكأنها مواجهةٌ قتالية بين الإسلام والكفر - والعياذ بالله - وهو من الجهل الذي عمَّ الأرضَ.
السابع: "احفظ نفسك من إشاعة سرِّك؛ فغيرُك أَولى ألا يَحفظه".
شرح الحكمة:
فإذا ضاق صدرُك بحفظ سرِّك، فغيرك أَولى أن يضيقَ صدرُه بحفظ سرِّك.
فإن كنت تظن أنه لا بدَّ من إفشاء السر، ولم تتحمَّل كتمانَه في قلبك، فتصوَّر ما سيترتَّبُ من السلبَّيات لتُحْجِمَ؛ إذ لم يُسَمَّ العقلُ عقلاً إلا أن يعقلَك عن المساوئ، وما سمِّي كذلك حِجْرًا إلا أنه يحجرك عن السوء، فإنك تملك كلمتَك قبل أن تُطلقَها، وإذا أطلَقتها مَلَكتك، وتحمَّلت مسؤوليتَها، وحُوسِبت عليها في الدنيا والآخرة، والله أعلم.
[1] أبو داود (3641)، الترمذي (2682)، ابن ماجه (223)، أحمد (5 / 196)، الدارمي (342) عن أبي الدرداء.
[2] صحَّح الشيخُ الألباني الحديثَ؛ انظر صحيح الجامع الصغير برقم (3913)، قلت: والحديث فيه كلامٌ عند كثيرٍ من أهل العلمِ؛ انظر هذا الرابط
::صفحات صديقة :: معهد ترايدنت :: منتدى برامج نت
:: برامج المشاغب - ملتقى العلماء وطلبة العلم - الريان تيوب - جريدة الديار -عمال مصر- قهوة الصحفيين - جريده اخبار بتروجت
:: للإعلان ::
واتس
00201558343070
بريد إلكتروني
[email protected]
أو يمكن التواصل معنا مباشرة عبر نموذج الاتصال بنا علي الرابط الآتي
https://dvd4araab.com/vb/sendmessage.php
للتواصل عبر الواتس
https://chat.whatsapp.com/Bekbfqlef3ZInj31Jhk99j
تنبيه للاعضاء تود إدارة
المنتدى ان تؤكد لكافة الاخوة الاعضاء بانه يمنع نشر أي مادة إعلامية تسيء للاديان
أو تدعو للفرقة المذهبية او للتطرف ، كما يحظر نشر الاخبار المتعلقة بانشطة الارهاب
بكافة اشكاله اوالدعوة لمساندته ودعمه، حيث ان ذلك يعتبر خروج صريح عن سياسة
المنتدى ، كما قد يعرض المشارك الى المساءلة النظامية من الجهات الرسمية ذات
العلاقة، شاكرين ومقدرين للجميع حسن التزامهم باهداف ومبادىء المنتدى.