حلب تحترق
إخوة الإيمان:
تَبْكِي وَتَمسَحُ دَمعَهَا حَلَبُ *** وَبِقَلْبِهَا مِنْ حُزنِها لَهَبُ
حِقْدُ النُّصَيْرِيِّينَ يُشعِلُهَا*** والجَاِمعُ الأَمَوِيُّ يَنتَحِبُ
حَلَبٌ وَتَحْلِفُ أَلفُ قَاذِفَةٍ*** أنَّ الطُّغاةَ بِأَمْنِها لَعِبوا
لا تَجْزَعِي فَالظَّالِمُونَ لَهُمْ *** يَومٌ مِنَ الخُذْلانِ مُرْتَقَبُ
النَّصرُ عندَ اللهِ يَمنَحُهُ*** لِلصَّابِرِينَ إذَا هُمُ احتَسبُوا
اللهُ يهِزمُ كُلَّ ذِي صَلَفٍ*** فَتَعلَّقِي باللهِ يا حَلَبُ
ماذا عسانا أن نقول وبأي شيء نبدأ،،،
يا شام عذر وليس مثلي يعتذر ،،، فقد أصابنا مما نراه بكِ خورُ
تبلدت أحاسينا من كثرة المجازر الوحشية ، وقلَّ اكتراثنا من صور المقابر الجماعية،
مجازر ضجت الفلوات منها ، وشاب لهنَّ ناصيةُ الوليدِ
هل نتحدث عن مستشفيات للمرضى تقصف وتدمر، أم نتكلم عن بيوت آمنة تدك وتقبر بمن فيها.
أم مساجد يذكر اسم الله كثيراً أغلقت، وجمع دوت منابرها دهوراً هجرت وعطلت.
أطفال يبكون، ونساء يئنون، ورجال حائرون، ما بين شبح الموت والجوع والخوف
حقدٌ دفين تَفَجَّرَت نِيرَانُهُ وَفَارَ بُركَانُهُ في مُدُنِ أَهلِ السُّنَّةِ .
في حلب حكاية إرهاب وإجرام لم تعرفه البشرية، شذاذ روافض مع نصيرية باطنية، ومن خلفهم روس لهم تاريخ يقطر دماً، تنفسوا الحقد والعداء وصبوا جام غضبهم على حلب الشهباء في مناظر تفت الفؤاد فتاً وتقطع القلوب كمداً.
الهمُّ حلَّ ودمعُ العين مُنسَكِبُ *** على ديَارٍ بِها النّيـــرانُ تلتهِبُ
بِهايُبادُ على اﻷشهَادِ إخوتُنا *** بلا حياءٍ لكِ الرّحـمنُ يَا حَلبُ
فأيُّ زمانٍ هذا ؟ وأيُّ غُزاة أولئك؟ أعاد هولاكو التتار؟ أم ضاعت قيم عالم محتار؟ أين ثمارُ الاجتماعات؟ وأين تفعيلُ قراراتِ المجالسِ والهيئاتِ والمنظمات؟ أين حقوق الإنسان ، وأين أين حق الشعوب في تقرير مصيرها؟.
أين القيم أين الأخلاق، أين الأديان وأين الميثاق، تقتل النفوس جهاراً، وتنتهك المقدسات جهاراً.
حلب الإسلام يا أهل الإسلام لها في تايخنا ذكريات وبطولات، هي بلد العلم والعلماء والبطولة والأبطال، عاش في كنفها العلماء ورحل إليها الأئمة الفضلاء، رحل إليها إمام السنة والجماعة أحمد بن حنبل، وعاش فيها المؤرخ ابن خلكان، ووفد إلى حلب العلم قامات تذكر في سماء التاريخ كابن تيمية، والذهبي والدمياطي والسخاوي.
فيها الآثار الإسلامية، والمساجد والآثار التي تحكي إسلامية حلب وعروبتها
وفي الشهباء آثارٌ خوالدْ *** مساجدُ أو مدارسُ أو معاهدْ
تنادي الزائرينَ بملءِ فِيْها *** كذا كُنَّا وتلكَ هي الشواهدْ
حلب الشام شاهد عَصْري على عَوَرِ مبادئِ القيمِ الغَرْبية، التي تَهُبُّ للحيوان والتمثال والاثار، وتَتَغَنَّى بالحقوقِ والعدلِ والحريات، ثم تتعامى عن أَبْجدياتِ حقِّ الإنسانِ حين يكونُ هذا الإنسانُ من أهلِ الإسلام.
دمار حلب رسائلُ صامتةٌ للأمةِ الإسلاميةِ من خطر الغول الرافضي الباطني، وتحافلهم في الباطن مع أمم الكفر، فحجم حقدهم وعدائهم قد بدا وتكشَّف وتنفَّس، فها هي الأفاعي الصفوية تقتل وتشرد وتجوع بأهل السنة الأبرياء العزل ما لم تفعله يهود في فلسطين.
حلب الشهباء كشفت النفاقَ الرافضيَ وخداعَه، وأنَّ مشروعَه وجهادَه وممانعتَه هو قتال أهل السنة، وهدم عقائد المسلمين، فتاريخهم يقطر دماً، وواقعهم يصدق هذا التاريخ الإجرامي.
مدينة حلب بمآسيها أثبتت صدق ما قاله العلماء الأكابر عن حقيقة المذاهب الرافضية، وعداوتهم للشعوب السنية، فلقد ظن بعضنا أن رواياتهم وعقيدتهم في استحلال الدم السني قد طواها الزمان، فإذا أحداث العراق، وسوريا ولبنان واليمن، وفي كل قِطْر يتمكنون فيه تصدق هذه العقيدة المخفية، وصدق شيخ الإسلام ابن تيمية حين قال قبل سبعة قرون : (ضررهم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم من ضرر الكفار المحاربين).
صور حلب ومضايا وبورما وغيرها واعظ صامت لشعوب والمسلمين بأنَّ أُممَ الغرب لن تلتفت لدمائكم، ولن تتحرك لقضاياكم، وأن على دول الإسلام أن تتقوى بنفسها، وتحمي ذاتها، وتستدفع كل خطر عنها في بداياته قبل أن يستفحل.
ـ حلب الرجال والبطولات ليسوا بحاجة إلى طعام وكساء ولا إلى رجال ولا حدثاء، هم بحاجة إلى سلاح نوعي لا تصد فيه حلب عن نفسها ولا عن بقية بلاد الشام، وإنما تتقي به نذر خطر عن عالمها العربي والإسلامي.
حلب الإسلام استصرخوا واستغاثوا وبحت أصواتهم من إرهاب فاق كل معقول، يستنجدون أهل الإسلام، بحق الإخوة الإسلامية، والنخوة العربية، ويخاطبون غير المسلمين بما تبقى بهم من رحمة فطرية، وضمير إنساني.
وبَعْدَ أَنِ انْقَطَعَتِ الآمَالُ بِالشَّرْقِ وَالغَرْبِ الَّذِي لَا يَتَحَرَّكُ إِلَّا وَفْقَ مَصَالِحِهِ.
رَدَّدُوهَا : ما لنا غيرك يا الله ... رددوها بَعْدَ أَنْ تَخَلَّى عَنْهُمْ غَالِبُ المُسْلِمِينَ، وَاكْتَفَتْ جُمُوعُهُمْ يَرْمُقُونَهُمْ بِأَعْيُنِهِمْ، وَيُحَوْقِلُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ.
أَعْلَنُوهَا ... بَعْدَ أَنْ حُرِمُوا مِنْ أَبْجَدِيَّاتِ الحَيَاةِ مِنَ الطَّعَامِ وَالمَاءِ، وَالدَّوَاءِ وَالكَهْرُبَاءِ، حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُمْ إِلَّا الهَوَاءُ.
صَرَخُوا بِهَا .... بَعْدَ أَنْ قُصِفَتْ بُيُوتُهُمْ، مَسَاجِدُهُمْ، مَآذِنُهُمْ، وَقُطِّعَتْ أَشْلَاؤُهُمْ أَمَامَ أَعْيُنِهِمْ.
نَعَمْ لَقَدْ عَجَّتْ بِهَا حَنَاجِرُهُمْ بَعْدَ أَنْ رَأَوُا العِصَابَاتِ النُّصَيْرِيَّةَ ، قَدْ نُزِعَتْ مِنْهَا الرَّحْمَةُ وَالإِنْسَانِيَّةُ، فَلَمْ يَرْأَفُوا بِشَيْخٍ وَلَا رَضِيعٍ، وَلَا امْرَأَةٍ أَوْ وَدِيعٍ!
هَذَا الالْتِجَاءُ وَالتَّعَلُّقُ بِاللهِ الخُطْوَةُ الأُولَى لِلنَّصْرِ الحَقِيقِيِّ، حِينَ لَا يَبْقَى فِي القُلُوبِ أَمَلٌ إِلَّا بِاللهِ، حِينَ تَيْئَسُ النُّفُوسُ مِنْ مَجْلِسِ الأَمْنِ، وَمِنْ هَيْئَةِ الأُمَمِ، وَمِنَ الشَّرْقِ وَالغَرْبِ.
حِينَ تَيْئَسُ القُلُوبُ مِنْ التَخَاذُلِ فَلَا يَبْقَى إِلَّا بَابُ السَّمَاءِ لِلإِيوَاءِ وَالاسْتِنْصَارِ، وَمَنْ آوَى إِلَى اللهِ، فَقَدْ آوَى إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ؛ {وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}.
هَذَا المَلِكُ العَظِيمُ الرَّحِيمُ، السَّمِيعُ البَصِيرُ العَلِيمُ، حَاشَاهُ حَاشَاهُ أَنْ يَتَخَلَّى عَمَّنِ اسْتَنْصَرَ بِهِ، حَاشَاهُ أَنْ يَخْذُلَ مَنْ تَعَلَّقَ بِهِ، لَكِنَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ حِكَمٌ عَظِيمَةٌ فِي تَأْخِيرِ النَّصْرِ، وَإِنْزَالِ العُقُوبَةِ عَلَى أَهْلِ الظُّلْمِ، قَدْ ذَكَرَهَا فِي كِتَابِهِ العَظِيمِ .
{وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ}
وسنن الله تقول {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.
ومشئة الله تنطق {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ}
{وَمَا أَصَابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ فَبِإِذْنِ اللَّهِ وَلِيَعْلَمَ الْمُؤْمِنِينَ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ نَافَقُوا}.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم
الخطبة الثانية
إخوة الإيمان: وحين نقلب صفحات التاريخ، نرى أن مدينة حلب قد أتت على ألوان من الضيم والظلم، فقد اسبتاحها التتار، ودُمَّرها الصليبون، وأحرقها الباطنيون، لكنها اليوم يتداعى عليها كل هؤلاء، وتلقى بغاة العالم، منهم يدمر، ومنهم يؤيد بصمت.
عباد الله: يقول نبينا r : ( المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يسلمه)
ويقول: (من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم)
وفي محكم التنزيل: ( والذين كفروا بعضهم أولياء بعض إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) والمعنى أن الكفار ينصر بعضهم بعضاً ، ونحن إذا لم نتحلَّ بهذه النصرة بيننا ساد الفساد الكبير والفتنة المظلمة.
لا تكن شعاراتنا الإسلامية في الأخوة والتعاضد والتناصر مجرد عبارات تستعذبها القرائح أو تعلق في الجدران، ولا رصيد لها في واقع حياتنا .
لا عذر لنا أمام الله , وقد رأينا وشاهدنا , ثم لا نتحرك لنصرة من استنصر بنا
لا تلتفت أخي المبارك يمينا وشمالا , وترمي بالمسؤولية على غيرك, فأنت أنت بيدك شيء من النصرة، كل حسب قدرته ومكانته (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، ومن قدر عليه جهده فليبذل مما آتاه الله.
فالقادة مطالبون أن يتحركوا سياسياً ، بكل وسيلة ممكنة لنصرتهم .
والتجار مأمورون ببذل المال في سبيل الله للجهات المضمونة, والجهاد بالمال مقدَّم في مواضع كثيرة من كتاب الله على الجهاد بالنفس .
والعلماء والمفكرون مطالبون بجهاد الكلمة, والنصرة بالقلم واللسان .
وأئمة المساجد مأمورون بالدعاء, وإحياء سنة القنوت عند النوازل .
وكل عبد يحمل بطاقة الإسلام مطالب بإحياء قضية إخوانه في بيته وعمله وسائر مجلسه، كل يسعى أن يفرج كربة إخوانه بما يستطيع.
أما إن ماتت المشاعر، وأنعدمت الأحاسيس تجاه قضايا المسلمين فالمرجوا ممن هذا شأنه أن يكفّ عن إخوانه فهي صدقة يتصدق بها على نفسه.
وأخيراً يا أهل الإيمان فإننا على يقين من ربنا أنه سبحانه أرحم بأهلنا في الشام منا ، وأشد غضباً لعدوهم منا ، وأنه سبحانه لن يتخلى عن المظلومين ولن يهمل الظالمين، فالأمل بالله وحده كبير ، ولن يخيب سبحانه من داعاه ورجاه ، فكيف إذا كان مظلوماً مقهوراً، وقد قال سبحانه: ( وعزتي وجلالي لأنصرنك ولو بعد حين)
وبعد عباد الله فمَهمَا انتَفَشَ الطاغيةُ وتَبَختَرَ،وَمَهمَا عاونه صليب وروافض وعسكر ودواعشٌ هم أدهى وأخطر، فَإِنَّ في الشام رجالاً صدقوا ما عاهدوا عليه بَاعُوا الأَروَاحَ للهِ ماضون في جهادهم، ودفاعهم عن أعراضهم، لن يضرهم بإذن الله من خذلهم ولا من خالفهم.
الملفات المرفقة
تقديرا لمجهود صاحب البوست او المشاركه فانه لا يمكن مشاهدة الروابط إلا بعد التعليق على البوست In appreciation of the efforts of the owner of the post or participation, the links cannot be viewed until after responding to the post or participation
(40.6 كيلوبايت)