رسالة تفاؤل للمطلقة
إبراهيم الشملان
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أخيتي المطلّقة .. هل تظنين أن هذا اللقب من باب إحراجك؟ هل تظنين أن الطلاق هو نهاية الحياة؟
سأحاول أن أترك أثراً في قلبك المتألم، لذا أحثّك أن تقرأي هذه الكلمات، سأختصر قدر الإمكان، وسأضع - بإذن الله - خريطة لتعيشي حياة جديدة.
إن الطلاق في الحقيقة فشل، والفشل لا يكون دائماً إذا غيّرنا ما في أنفسنا، واجتهدنا لنغيّر هذه الحال، هل تحبس المرأة نفسها في البيت بعد الطلاق، أم هل تطلق لنفسها العنان فلا تعرف الاحتشام ولا العفة؟
المطلّقة ليست سلعة فاسدة، بل هي حياة وروح، وهذه الروح كأي روح تتألم، وتتعلّم، وتكتسب الخبرة، وتريد أن تعيش حياتها، فكيف إذا كانت مطلّقة ظلماً وعدواناً، كيف إذا رأت أهل اللؤم والسخرية من حولها يحومون؟
لنكسر قيود الفشل أختي الغالية، ونبدأ حياتنا من جديد، كل ما سبق سواءاً كنتِ أنت السبب في الطلاق أو كان هو السبب، انسي الماضي إلا من تجربة، وابدأي من جديد.
المؤمن كما ذكر لنا في القرآن يدعوا الله دائماً أن يرزقه امرأة صالحة تقر عينه، لماذا لا تسألين الله - جل جلاله - رجلاً صالحاً يقرّ عينك، ويدفع بك إلى طريق النجاح.
وعلى ذكر النجاح: ماذا قدّمتِ من نجاحات في السابق، دوّنيها في ورقة، وإذا لم تقدّمي أي نجاحات باشري الآن بها، أكملي الدراسة إن لم تكمليها في السابق فقد آن الأوان أن تكمليها.
أما عن المرأة التي لا زالت تتذكر زوجها السابق، ولديها الرغبة بالانتقام منه - وهذا حاصل لدى الكثير - فأقول لها: يا أخيتي الكريمة .. لتعلمي أن الله حكيم خبير، يبعد عنا أناساً، ويبدلنا أناساً آخرين خيراً منهم، يحبوننا، ويرفعونا، ويقدّروننا، وهذا قانون ثابت، "يأخذ الله شيئاً ويعوضنا إن صبرنا بشيء أفضل منه" "كل محنة تتبعها منحة"، "عسرٌ بعده يسر مؤكد"، (إن مع العسر يسراً)، فعلام الحزن والاكتئاب.
لو كانوا يحبوننا لما تركونا، لو كانوا يحبون لنا الخير ما أرهقونا وآلمونا، لماذا لا تنظري إلى الجانب المشرق في الحياة، وتستعيني بالله - عز وجل - على مستقبل أفضل وأروع في ظل طاعة الله - عز وجل -:
- إكمال الدراسة هدف من أهدافك.
- زيادة الثقافة هدف من أهدافك.
- التخطيط لصنع انجاز هدف من أهدافك.
- إن كان لك ولد من زوجك السابق علّميه حتى تفخري به هذا هدف من أهدافك.
والأهداف كثيرة، لماذا نقف عند خط الطلاق وكأن الدنيا قد انتهت، أو كأن الروح من جسدك قد خرجت، الحب والإيمان والإحسان والعفو والصدق مع الله كلها مفاتيح لبدايات جميلة تحمل نهايات أجمل.
نزل كتابي في الأسواق بعنوان: "مهارات الحياة اقتحام الأسوار، واكتشاف الأسرار" أنصحك بقراءة هذا الكتاب ليس دعاية له وإنما أريد منك أن تكوني قوية تفهم الحياة، وتستمر بالعيش، وتنسي هذا القلق.
اقرأيه.. لأني توسعت فيه، وكان القصد منه بناء الثقة فيكم من جديد، بعد أن فقدتيها في ظل زوج لا يبالي، أو مجتمع لا يهتم.
ماذا يعني التفاؤل بالنسبة لك؟
- التفاؤل يمنحك هدوء الأعصاب.
- التفاؤل نافذة تفتح لنا الآفاق حتى لو كانت نافذة صغيرة.
- التفاؤل من الأشياء الجميلة، وأي شيء جميل في الحقيقة لا ينقطع.
وقد قيل: لا تبكِ لغياب الشمس، لأن الدموع ستحجب عنك رؤية النجوم في الليل.
كل هذه الكلمات لأجل أن تعيدي حسابات الحياة، وأن تعودي كما كنت ِ قبل زواجك، فتاة مرحة، متفائلة، حالمة، طموحة، عاشقة للحياة.
ليست العبرة بالعمر حتى لو بلغتِ الخمسين، فنابليون رغم ما حصل له من الشرف، والسلطة، والمال، والجاه قال: "حسبت أيام سعادتي فكانت ستة أيام"، أما أنتِ فعليك أن تفهمي معنى السعادة، وتستمري بحياتك، ولا تحزني على الأمس، ولا تقلقي على الغد، فقد قلت في إحدى تغريداتي: "كلّما جمعت على نفسك الهموم، وأعدت تكرار ذكرها في قلبك؛ أخذتك الهموم أخذاً عظيماً .. حتى ينقطع نفسك.. اترك الهم، واذكر الله؛ يصحو قلبك".
وقلت أيضاً في تغريدة أخرى: "خذ عبرة من الطير.. لا يخاف ولا يحمل هم الصقور الحائمة فوق رأسه رغم أنها رأت مصرع الكثير من مثيلاتها أمام عينيها؛ لكنها ما زالت تطير في السماء".
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والحمد لله رب العالمين.