لندعوا إلى الإسلام بالكرم
نايف ناصر المنصور
إن مِن واجبنا كمسلمين، ونُحبُّ الخير للغير في أرجاء المعمورة: أن ندعوهم إلى الإسلام، وهناك وسائل كثيرة للدعوة إلى الإسلام تكلَّم عنها العلماء والدعاة، ولكن هناك وسيله للدعوة لم يُتكلَّم عنها كغيرها، والمطلوب أن تكون طبيعةً فينا كمسلمين، ألا وهي: الكرم.
ولقد جاء الحثُّ على الكرم والإنفاق في القران الكريم؛ قال - تعالى -: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 261]، وقال - تعالى -: ﴿ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 272]، وقال - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرًّا وَعَلَانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 274].
وجاء في السنَّة أيضًا عن الإنفاق: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما مِن يوم يُصبِح العباد فيه إلا ملَكان يَنزِلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ مُنفقًا خلَفًا، ويقول الآخَر: اللهمَّ أَعطِ مُمسِكًا تلفًا))؛ البخاري، وقال - عليه الصلاة والسلام -: ((لا حسَد إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالاً فسلَّطه على هلكتِه في الحق، ورجل آتاه الله حِكمةً، فهو يَقضي بها ويُعلِّمها))؛ البخاري. فعندما يرى غير المسلم طريقة تعامُلِنا مع المحتاجين من مسلمين وغيرهم، وبذل الأموال الخاصة في إغاثتهم ونفعهم وعدم إمساكها، يُعتبَر هذا خلُقًا كريمًا وطبعًا جذّابًا للتعرُّف إلى الشخص المُحسن! وما أحسن ذلك إن عَلم بأن المُحسن هو إنسان مسلم، ودينه يحثُّه ويُشجِّعه على البذل والعطاء، ويُرتِّب الأجر على ذلك في الدنيا والآخرة ببركة المال والعمر والصحَّة والأجْر الكبير الموصل للدرجات العلى في الجنة، وليكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قدوةً في البذل؛ ذكر ابن القيَم في كتابه "زاد المعاد" (فصل هديه - صلى الله عليه وسلم - في صدقة التطوع)، وذكر أساليب في البذل فقال: "وكان يُنوِّع في أصناف عطائه وصدقته؛ فتارةً بالهِبة، وتارةً بالصدَقة، وتارة بالهديَّة، وتارة بشراء الشيء، ثم يُعطي البائع الثمن والسلعة جميعًا؛ فهذه أساليب مُتنوِّعة لو طبَّقْناها مع المحتاجين المسلمين وغير المسلمين فسنَجِد - بإذن الله - محبةً للتعرُّف على هذا الدين؛ مما يُسهِّل دخولهم في الإسلام، فليكن الكرم والعطاء شعارنا في الدعوة إلى الإسلام، ولندفع - ولو القليلَ - مِن أموالنا، ولا نحقر صَنيعنا في مساعدة الناس.
ورسالتي للمؤسَّسات الخيرية في العالم الإسلامي: أن يكونوا حلقة وصل حقيقية بين المُتبرِّع بمالِه وبين المُحتاجين، فيقوموا بتوفير وسيلة التعارف بينهم، حتى يُحس المتبرِّع بأثر تبرُّعه على المحتاج، فيكون له حافز في زيادة البذل.
وفَّق الله كل مسلم إلى طاعته والدعوة إلى دينه.