فقدت ثقتي في الرجال بسبب خطيبي
أ. مروة يوسف عاشور
السؤال
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته.
كنتُ مخطوبة في سَنة ثانية جامعة، انفصلتُ عن خَطيبي؛ بسببِ عدَم جِديَّته في موضوعِ الخطوبة، وبسب أنَّه يكلم بناتٍ كثيرات، خُطبت سنتين وفسخْنَا الخطوبة، بعدها تُوفي والدي، وكانت حالتي النفسيَّة محطَّمة، كنت أحبه جدًّا، هو أوَّل حب في حياتي، تركَني وذهَب مِن غير أيِّ سبب؛ أدخل المواضيع في بعضها، مرَّة الأهل والمشاكل، ومرة الظروف الماديَّة، وأخيرًا أنا!
اكتشفتُ عدم احترامه لمشاعري وخِيانته المستمرَّة واستهتاره، ولما كنت أواجهه كان يَبكي ويقول لي: لا أريد تركك لكن غصبًا عنِّي، الظروف!
حطَّمني، حبستُ نفسي بغرفتي بالساعات أبكي، كتمتُ في داخلي، ما كنت أحكي لأبي - يرحمه الله - ولا أمِّي لكيلا يكبِّرا الموضوع، والخطوبة تستمر.
الخلاصة: أنَّه تركني وكان شكلي سيئًا أمامَ زَميلاتي البنات، أحسست أنهنَّ يَشمتن فيّ، خصوصًا أني كنتُ مخطوبة لشاب وسيم وجيِّد في نظرهنَّ، بعدها تعرفتُ على بعضِ الصديقات ودخلْنا مواقع اجتماعيَّة، وكثيرون أضافوا (إيميلي) وكلَّمتُهم، وظللت أبحث عن إنسان يكون شِبهَ خطيبي الذي أحببتُه، لكن ليس بصفاته، بل بالصفات التي أتمنَّاها أن تكونَ في حبيبي، فالإنسان الأوَّل ظهَر أنه لا يحبني.
تعرفتُ على شخصٍ آخَر عن طريقِ (الإيميل)، تقابلْنا مرَّة واحدة في الحقيقة، أحببتُه كثيرًا، وجدتُ عنده الثقة التي كنت أتمنَّاها، وأخلاق الفروسيَّة، وفعلاً هو هكذا، لكن أنا غصبًا عنِّي كان كل ما يتشاجر معي أتذكَّر خَطيبي لما كان يُغضبني ويُبكيني، وأقول له: لا، عندَك، كفاية، أنت ستعمل مِثل فلان الذي كان خَطيبي، هو كان يتضايق مني لما أقول له هذا، ويقول لي: أنا رجل حرٌّ لا أحبُّ في حبيبتي التي ستكون زوجتي أن تُقارنني بواحدٍ قذِر مثل هذا، أو أي أحد!
بعدها كنَّا داخلين الموقِع الاجتماعي الذي تعرَّفت عليه فيه، وكان هناك شخص آخر معجَب بي، أنا ذهبتُ وكلمته أيضًا، لا أدري لِمَ تكلمت معه؟! ممكن لأني فقدتُ الثِّقة بنفسي كإنسانة رقيقة، وكل الناس ممكن تُحبني، هذا الشخص أحبَّني، وأنا بدلاً من أن أقول له: إني أحب أحدًا غيرك وأنت تعرِفه هو زَميلنا في نفس الموقِع، تماديتُ فيها وأقنعتُ نفْسي أني أنتقِم مِن أيِّ شابٍّ يُحاول الاستهتارَ بمشاعري، وأنَّه لا يوجد ولد يحب واحدة أصلاً!
طبعًا حبيبي عرَف مع الأيَّام أنِّي كنتُ أكلم هذا الشخص، لكن مع العِلم أن هذا الشخص ما قلت له: أحبُّك، ولا عشمتُه بشيء، كنت أصدُّه وأُفهمه أني لا أحبُّ أحدًا، لكن أيضًا لا أحبُّك، لكن أحببتُ أن أستمتع وأُرضي غُروري، كنتُ أسمع أحدًا يشكر فيها بكلام جيِّد، حبيبي لم يقتنع بهذا، سامَحني في الأول، بعدها بأشهر وجدتُه يقول لي: لن أقدِر أكمل معكِ، ليس عيبًا فيكِ، ولكن العيب في أنا، لا أقدر أنسي الذي عملتِه في! اذهبي ستجدين نصيبك بعيدًا عني، قلت له: أنت زمان لما عَرَفْت سامحتني! قال لي: سامحتُك لأني كنتُ أحبُّك، أما الآن فالحب انتهى! قلت له: إن كان من أجل أنَّك مِن بلد، وأنا مِن بلد آخر وتستصعبها قل؟ قال لي: لا، قلت له: هل هناك بنت أخرى بحياتك؟ قال لي: لا.
أنا سأموت مِن غيرِه، محتاجة إليه جدًّا، أرى فيه الرجلَ المِثالي الذي أنا ما احترمتُ مشاعرَه وأحببت نفْسي أكثر منه، نادمة ندمَ عُمري أني ضيعتُه مِن يدي، في نفس الوقت أقول: هذا سيتزوَّج مِثل خَطيبي، ويَنساني أصلاً، وأقول: كل الرِّجال مثل بعض، ليس عندي ثِقة فيهم، بداخلي صراعٌ شديد!
أنا عندي حبُّ الامتلاك، أريد أن أمتلك كلَّ الناس الذين أحبوني، وأقعدهم بجواري لا ينظرون لغيري، حتى خَطيبي هذا، على الرغم من أنه تركني وأنا ارتبطتُ بعدَه بِحبيبي هذا، إلا أني يومَ سمعتُ بزواجه كنت أبكي ومنهارة، ولا أعرف لماذا؟!
بالله عليكم ساعِدوني، أنا متضايقة جدًّا، أنا حكيت كلَّ حياتي؛ لأني - واللهِ العظيم - تعبانة، ولم يعدْ عندي ثِقة بنفسي ولا بأي أحد! أنا أصبحتُ تائهة وضائعة، ونفْسي حبيبي هذا يرجع لي ونتزوج، هذا والله العظيم معي منذ سنة ونصف، وآخر السنة هذه فقط مِن شهرين، لكننا متَّفِقان أن يتقدَّم لي.
أرجوكم ساعدوني، هو قَطَع كلامه معي، أبعث له رِسالة على (الإيميل) يردُّ على قدر السؤال، ويقول لي: "انْسَي خلاص!" أنا سأخطُب، وأنا كلَّما أسمع هذا أموت!
الجواب
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
هَوِّني عليكِ، وكَفْكِفي دمعكِ، وطِيبي نفسًا، واهدئي؛ فلستِ أوَّلَ مَن تُعلن نهايتها بنهاية قصص حبٍّ وهميَّة وعَلاقات غير شرعيَّة، وما بُنِي على باطل فهو باطل.
في المرة الأولى صُدمتِ بموقف خاطبكِ وحقيقته التي أطاحتْ بقلبكِ الذي أحبَّه؛ فالشاب لم يتمسكْ بكِ كما كان متوقعًا، وكانت له عَلاقات بفتيات غيركِ، وهذا طبيعي في كلِّ شابٍّ بعيد عن الدِّين الإسلامي، ولا يَعي منه إلا القُشور.
لكنَّكِ بدلاً مِن الاعتبار بما كان، وبدلاً من الاستفادة من تلك التجرِبة، كرَّرتِ الخطأ، بل أتبعتِه بخطأٍ أكبر ومصيبة أعظم، واستعادة الثِّقة بالنفس والشعور بالرضا لا يتحقَّق بإقامة علاقات متعدِّدة مع شباب مِن مختلف الجنسيَّات! ولا يكون باللعب على عدَّة أوتار في آن؛ بل يكون بالتقرُّب إلى الله والتأمُّل في نِعم الله عليكِ، والتواصُل مع الأهل والصَّديقات المخلِصات.
هل شعرت بالارتياح لمجرَّد أنَّ شخصًا لا يعرفكِ ولا تَعرفينه أظهر إعجابه الكاذب بكِ؟!
وهل شعرتِ بالرِّضا عن نفسك عندما علِم حبيبُكِ بحديثكِ مع شابٍّ غيره؟!
هل تظنين أنَّه كان سيستمر معكِ أو يتقدَّم لخِطبتكِ لولا هذا الحدَث الذي فاجأه؟!
لا أظنُّ هذا يا عزيزتي، ولا أظنُّ إلا أنه كان يتسلَّى كما يتسلَّى كلُّ شاب بالحديث مع فتاة، أو أنه فكَّر للحظات في الزواج بك، ثم تراجع وآثَر مَن يعرفها ويعرف أنَّها لا تحادث الشباب، ولو كان هو مَن تحادث!
أتدرين أين تكمُن المشكلة؟
المشكلة ليستْ في خاطب تركَكِ، أو في شماتة الزميلات، أو في شكله الذي كان يُرضيكِ؛ بل المشكلة في أنَّ لديكِ معتقداتٍ خاطئةً عليكِ أنْ تصححيها قبل أن تختاري زَوجكِ، تبحثين عن شابٍّ يشبه خاطبَكِ الذي يعجب الفتياتِ ويبدو في نظرهنَّ جميلاً، ولكن تُريدينه منقحًا من العيوب!
باختصار تبحثين عن شابٍّ به كلُّ المميزات وخالٍ مِن كل العيوب، وهل يُعقل هذا؟!
لكِ أن تَنتقي مَن يحمل خير الصفات الواقعيَّة، وليست صفات الفروسيَّة، ليكن أول ما تبحثين عنه الدِّين، فلن ترهقي نفسَكِ حينها ولن تخشي علاقاتٍ غيرَ شرعية، أو خداعًا غير متوقَّع، أو استخفافًا بمشاعركِ.
لن يكون زوجكِ واحدًا مِن أولائكِ الذين يُقيمون علاقاتٍ مع الفتيات، ثم يولُّون الأدبارَ بحثًا عن فريسةٍ جديدة أو ضحيَّة أخرى.
أنصحكِ بكلِّ صِدق أن تقطعي جميعَ علاقاتكِ مع الشباب، وأن تستعيني بالله الذي وهَبَكِ الصحة والعافية، ووهبَكِ العقل والقلب، وأن تُصلحي ما بينكِ وبينه - عزَّ وجلَّ - ليُصلح ما بينكِ وبيْن الناس، ويرزقكِ حبَّ الصالحين؛ فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((إذا أحبَّ الله العبد نادَى جبريلَ: إنَّ الله يحبُّ فلانًا فأحببْه، فيحبه جبريل، فينادي جبريلُ في أهل السماء: إنَّ الله يحبُّ فلانًا فأحبوه، فيحبه أهلُ السماء، ثم يوضَع له القَبول في الأرض((؛ متفق عليه.
وفَّقكِ الله، وأصلح حالكِ، وهداكِ لما فيه الخير، ورزقكِ الزَّوْجَ الصالح الذي يُعينكِ على أمْر دِينكِ ودُنياكِ.