أعاني من الفشل بسبب ضعف شخصيتي
أ. لولوة السجا
السؤال
♦ ملخص السؤال:
شاب يُعاني مِن المُعامَلة الوالدية القاسية منذ صِغَره، مما أثَّر على حياته الدراسية، وأصبح فاشلًا في علاقاته أيضاً، ويريد بعض النصائح التي تأخُذ بيده.
♦ تفاصيل السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا شابٌّ أُعاني منذ الصغَر مِن مُعامَلة والديّ لي، فهما لا يَثقان في إمكانياتي، حتى أصبحتُ أعتقد فعلًا أنني لا يُوثَق بي، أصبحتُ فاشلًا في كلِّ شيء!
أنا أدرس الهندسة، ولفشلي لم أحصُلْ على التخصص الذي أُريده، حتى في الحبِّ فاشلٌ، ولا تتحمَّلْ أي فتاة شخصيتي الضعيفة، هذا فضلًا عن ضَعْف بصري الذي زاد مِن حالة ضعف الشخصية لديَّ، حتى أصبحتُ أخاف مِن فَقْدِ البصر بصورة كلية.
الحمدُ لله أنا أُصلي، لكن حياتي تعيسةٌ، وأموري النفسية والحياتية غير مُستقرَّة.
أحببتُ فتاةً ذات دينٍ وخُلُقٍ حبًّا شديدًا، وكنتُ أريدها زوجةً لي، لكن بكلِّ أسفٍ لَم أُرِدْ أن أُتعبَها معي؛ لضَعفِ شخصيتي وخَجَلي الزائد، ومن ثَم تصوَّرتُ أنها تستحق مَن هو أفضل مني، قاطعتُها وطلبتُ منها الانفصالَ لأني مُحطَّمٌ مِن داخلي.
أرجو أن تُساعدوني في مشاكلي، وتَأخُذوا بيدي
بارك الله فيكم
الجواب
الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، وبعدُ:
فحياةُ المؤمن لا تُقاس بالتوافه يا بني، وإنما تُقاس بمدى قوة العلاقة بالله خالقنا، ولا يولَد الإنسانُ فاشلًا أو ناجحًا، وإنما ذلك فضلُ الله يُؤتيه مَن يشاء، مع أنَّ هناك اختلافاتٍ ومعاييرَ مختلفةً في تحقيق النجاح، وأعظمُ نجاح إنما يكون في قدرة العبد على جهاد نفسه والهوى، فتراه يسير وفق ما يُرضي الله، فيَأتمر بأمرِه، ويَنتهي بنهْيِه، ويَسعى في كلِّ ما يُقربه مِن الجنة، ويُباعده مِن النار، ثم تأتي الدنيا بعد ذلك فتَجِدُه يَجتهد في فِعل ما يَستطيعُه مِن أجل كَسْبِ الرِّزق، فكلٌّ بحسب سعيِه واجتهادِه، فمَن بذَل أكثر وَجَد أكثر وهكذا، أما ما يَحْدُث أحيانًا مِن تصرُّفات خاطئة مِن الوالدين والأقارب والأصحاب مِن إصدار بعض العبارات المحبطة والمؤثرة - فمِن المفترض ألا نُلْقِي لها بالًا، وألا نَجْعَلَها شماعةً نُعلِّق عليها أسبابَ فشلنا وإخفاقنا، فامضِ في طريقك، وابذلْ ما تَستطيعُه.
وأمَّا ما ذكرتَ مِن مسألة ضعف الشخصية، فلعلك تقصد أنك لين الجانب، سهل العريكة، طيب الأخلاق، وهذا ما يُطلَق عليه اليوم في مجتمعاتنا بـ: (ضعف الشخصية)، فلعلها صفات إيجابية يتمتَّع بها مَن حولك وأنت لا تَشْعُر، وإلا فماذا تَقصد بضعف الشخصية؟!
وأما ما ابتلاك الله به مِن ضعف النظر، فأظنها مشكلةً بسيطةً تحتاج منك إلى اهتمامٍ وعنايةٍ، وذلك بعَرْضِ حالتك على طبيبٍ مختصٍّ مِن أجْلِ العلاج، والله عز وجل لا يُعجزه شيءٌ.
استعنْ بالله ولا تعجزْ، واصبرْ على ما تُلاقيه مِن أذًى ممن حولك، فلقد لاقى رسولُ الله صلواتُ ربي وسلامُه عليه مِن قريشٍ أنواع العداوات والأذى، ورَمَوْه بأوصافٍ عدة، فقالوا: ساحرٌ، وقالوا: مجنونٌ، وقالوا: كاهنٌ، وضُرِبَ وأُوذي في نفسه وأصحابه، فما كان منه إلا أن أوكلَ أمرَه إلى اللهِ، وصبَر واحتَسب حتى أعلى اللهُ شأنَه.
وأما ما ذكرتَ مِن مسألة فشَلِك في إقامة العلاقات، فإني واللهِ لتحزنني هذه العبارةُ حين أسمعها مِن شابٍّ مسلمٍ يَتمنَّى أن يَتفوقَ في مجال المعصية، وسلوك طريق الضلال، فأيُّ نجاحٍ تَرتجيه يا بني مِن علاقة مُحرمةٍ؟! وكان يَكفيك في ذلك أن تصبرَ حتى يُهَيِّئ اللهُ لك أمرَ الزواج، ويُغنيك بحلاله عن حرامِه.
وفَّقك الله لما يُحب ويرضى، وحماك مِن الفِتَن، ورزقك برَّ والديك، وأرضاهم عنك، ويَسَّرَ لك سبُل الرشاد، إنه سميع مجيب.
أنصحك بمُخالَطة مَن تلمس فيهم القوة والثقة ممنْ حَباهم الله بالدين والأخلاقِ
ففي صُحبَتِهم الخيرُ الكثيرُ مِن الشعور بالأنس والقوة