نَوَازِلُ طِبِـيَّةٌ وَحُكْمُهَا فِي الصِّيَامِ 5 / 9 / 1437ه
إنَّ الـحمدُ للهِ،نَحْمَدُهُ،ونستعينُهُ،ونستغفِرُهُ،ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنَا وسيئاتِ أعمالِنَا،مَنْ يهدِ اللهُ فلاَ مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ،وأشهدُ أنْ لا إلهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شريكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبدُهُ ورسُولُهُ،صَلَّى اللهُ عليهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ،وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ،وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كثيرًا.أمَّا بَعْدُ(يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون).عِبَادَ اللهِ: في الحديث الذي رَوَاهُ أَحْـمَدُ وَغَيْرُهُ بِسَنَدٍ صَحِيْحٍ قال (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)وَنَحْنُ فِي هَذَا الشَّهْرِ الْعَظِيمِ يَكْثُرُ التَّسَاؤُلُ عَنْ بَعْضِ الْأَحْكَامِ الْفِقْهِيَّةِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِبَعْضِ الأُمُورِ الْمُعَاصِرَةِ؛وَمِنْ هَذِهِ الْأَحْكَامِ: 1- أَحْكَامُ الْقَطَرَاتِ، وَهَلْ اِسْتِخْدَامُهَا مُفْطِّرٌ أَمْ لَا ؟ فَأَمَّا قَطَرَاتُ الْعَيْنِ وَالأُذُنِ؛ فَلَا إِشْكَالَ فِيهَا أنها غير مفطرة؛ لِعَدَمِ وُصُولِـهَا إِلَى جَوْفِ الإِنسَانِ.أَمَّا الْقَطَرَاتُ الْمُسْتَخْدَمَةُ عَنْ طَرِيقِ الأَنْفِ؛فَالصَّحِيحُ-إِنَ شَاءَ اللَّهُ -أَنَّهَا غَيْرُ مُفْطِّرَةٍ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِطعامٍ، وَلَا بِشَرَابٍ؛وَلِأَنَّ مَا يَتَبَقَّى فِي الْفَمِ إِذَا وَصَلْتَ إِلَيهِ؛ لَا يَتَعَدَّى -بِحالٍ مِنَ الأَحْوَالِ- مَا يَتَبَقَى بِالْفَمِ؛مِنْ جِرَّاءِ الْمَضْمَضَةِ والاِسْتِنْشَاقِ.فَيَجُوزُ لِلْمَرِيضِ اِسْتِخْدامُ هَذِهِ الْقَطَرَاتِ حالَةَ الْحاجَةِ إِلَيهَا،وَلَا يُفْطِرُ بِسَبَبِهَا . 2- اِسْتِخْدامُ الْبِنْجِ: وَالَّذِي يَكُونُ: إِمَّا عَنْ طَرِيقِ الإِبَرِ، وَإِمَّا عَنْ طَرِيقِ اِسْتِنْشاقِ الْغَازِ، وَاِسْتِخْدامُ البنج أوالتَّخْدِيرِ عِنْدَ الْاِحْتِيَاجِ إِلَيهِ ؛ لَا يُعَدُّ مُفَطِّرًا؛ لِعَدَمِ نُفُوذِهِ إِلَى جَوْفِ الإِنْسَانِ، فَلَوْ اِحْتَاجَ الإِنْسَانُ لِاِسْتِخْدامِ التَّخْدِيرِ لِعِلاَجِ أَسْنَانِهِ، أَوْ لإِجْرَاءِ عَمَلِيَّةٍ جِرَاحِيَّةٍ ؛ فَلَا يُفْطِرُ بِسَبَبِ اِسْتِخْدامِهِ لِلْمُخَدِّرِ. 3- اِسْتِخْدَامُ الْبَخَّاخَاتِ، وَغَازِ الأُكْسُجِيـنَ؛ لِعِلَاجِ مَرْضَى ضِيقِ التَّنَفُّسِ والربو؛ وَذَلِكَ إِمَّا عَنْ طَرِيقِ الْفَمِ، أَوْ الأَنْفِ؛ فَالصَّحِيحُ- إِنْ شَاءَ اللَّهُ- أَنَّهَا لَا تُعَدُّ مِنَ الْـمُفْطِّرَاتِ؛ لَأَنَّ هَذِهِ الْبخَّاخَاتِ تَتَّجِهُ إِلَى الـجِهَازِ التَّنَفُّسِيِّ، لَا إِلَى الْمَعِدَةِ؛ فَهُوَ كَمَنْ يَتَنَفَّسُ الْـهَوَاءَ الطَّبِيعِيَّ؛ فَلَا هِيَ بِطَعَامٍ، وَلَا بِشَرَابٍ، وَلَا بـِمَعْنَاهـُمَا، وَمَا يَبْقَى مِنْ الرَّذاذ بِالْفَمِ؛ مِنْ جَرَّاءِ اِسْتِخْدَامِ الْبخَّاخَاتِ؛ لَا يَعْدِلُ – بـِحَالٍ مِنْ الأَحْوَالِ- بَقَايَا الْمَضْمَضَةِ، وَالاِسْتِنْشَاقِ فِي الْفَمِ؛ وَالَّتِي لَا تُعَدُّ مُفَطِّرَةً . 4- اِسْتِخْدَامُ الإِبَرِ، أَوْ مَا تُسَمَّى بِالْـحُــقَنِ الطِّبِيَّةِ : فَإِذَا كَانَتْ هَذِهِ الِإبَرُ تَـحْتَوِي عَلَى عِلاَجَاتٍ ؛ كَمُضَادَّاتٍ حَيَوِيَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا ؛ فَلَا تُعَدُّ مُفَطِّرَةً ؛ سَواءَ اِسْتُعْمِلَتْ عَنْ طَرِيقِ الْعَضَلِ، أَوْ الْوَرِيدِ، أَوْ الإِبَرِ الشَّرَجِيَّةِ، أَوْ تَـحْتَ الْـجِلْدِ ؛ كَإِبَرِ مَرْضَى السُّكَّرِ؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِطَعَامٍ ، وَلَا بِشَرَابٍ، وَلَا بِـمَعْنَاهُـمَا؛ فَيَجُوزُ لِلْمُسْلِمِ - مَتَى اِحْتَاجَ إِلَيهَا- اِسْتِخْدَامُهَا ؛ وَلَا يُعَدُّ اِسْتِعْمَالُـهَا مُفَطِّرًا . وَإِنْ كَانَتْ هَذِهِ الإِبَرُ تَـحْمِلُ مُغَذِّيَاتٍ؛فَإِنَّهَا مُفَطِّرَةٌ؛ لَأَنَّ الْمُغَذِّي يَـحْتَوِي عَلَى الْمَاءِ وَالْـجُلُوكُوزِ . وَالْـخُلاصَةُ أَنَّ الإِبَرَ؛ إِنَّ كَانَتْ عِلاَجِيَّةً غير مغذية؛ فَلَا تُفَطِّرُ ، وَإِنْ كَانَتْ مُغَذِّيَةً ؛ فَهِيَ تُفَطِّرُ . 5- التَّحَالِيلُ الطِّبِيَّةُ ؛ بِأَخْذِ عَيِّنَاتٍ مِنَ الدَّمِ: لَا تُعَدُّ مِنَ الْـمُفَطِّرَاتِ؛ فَيَجُوزُ لِلْمَرِيضِ أَنْ يُـجْرِيَ التَّحَالِيلَ الطِّبِيَّةَ- مَتَى اِحْتَاجَ إِلَى ذَلِكَ- وَلَوْ كَانَتْ كَمِّيَّةُ الدَّمِ الْخَارِجَةُ كَثِيرَةً
6- التَّحَامِيلُ الطِّبِيَّةُ: حَيْثُ يَـحْتَاجُ إِلَيْهَا بَعْضُ الْمَرْضَى لِـخَفْضِ الْـحَرارَةِ، أَوْ عِلاَجِ بَعْضِ الْاِلْتِهَابَاتِ عَنْ طَرِيقِ فَتْحَةٍ الشَّرَجِ؛ فَهَذِهِ لَا تُعَدُّ مُفَطِّرَةً؛ لِعَدَمِ تَقَوِّي الْـجَسَدِ بِـهَا؛ وَلِأَنَّهَا لَيْسَتْ بِطَعَامٍ، وَلَا بِشَرَابٍ، وَلَا بِـمَعْنَاهُـمَا. 7- الْمَنَاظِيرُ الطِّبِيَّةُ:وَهَذِهِ الْمَنَاظِيرُ الْمَقْصُودُ مِنْهَا الْوَصُولُ إِلَى جَوْفِ الِإنْسَانِ؛لَأَخْذِ عَيِّنَاتٍ مِنْهُ؛لِفَحْصِهَا؛وَتَـحْلِيلِهَا. فَإِذَا أُدْخِلَ الْمِنْظَارُ إِلَى جَوْفِ الإِنسَانِ عَنْ طَرِيقِ الْفَمِ؛و كَانَ دُخُولُهُ عَنْ طَرِيقِ لُيُونَتِهِ،دُونَ أَنْ يُضَافَ إِلَيه شَيْءٌ مِنْ دِهَانٍ أو زيت، أَوْ غَيْرِهِ يُسَهِّلُ دُخُولَهُ؛فَلَا يُعَدُّ اِسْتِخْدَامُهُ مُفَطِّرًا.وَأَمَّا إِنْ كَانَ إِدْخَالُهُ إِلَى جَوْفِ الإِنْسَانِ عَنْ طَرِيقِ مُسَهِّلَاتٍ لإِدْخَالِهِ بِزَيْتٍ،أَوْ غَيْرِهِ؛فَإِنَّهُ يُعَدُّ مُفَطِّرًا بِسَبَبِ هَذِهِ الْمُسَهِّلَاتِ لِدُخُولِهِ.وَإِذَا كَانَ إِدْخَالُ الْمِنْظَارِ مِنْ غَيْرِ طَرِيقِ الْفَمِ؛فَإِنْ كَانَ لِلْمُعِدَةِ،أَوْ يـُمِرُّ بـِهَا؛وَكَانَ إِدْخَالُهُ عَنْ طَرِيقِ مُسَهِّلَاتٍ لإِدْخَالِهِ كَزَيْتٍ أَوْ غَيْرِهِ؛فَيَكُونُ مُفَطِّرًا،وَإِنْ كَانَ دُخُولُهُ إِلَى جَوْفِ الإِنْسَانِ بِلُيُونَتِهِ؛فَلَا يُعَدُّ مُفَطِّرًا.وَإِنْ كَانَ اِسْتِخْدَامُ الْمِنْظَارِ لَا يُـمِرُّ بِالْمَعِدَةِ؛ كَالْمِنْظَارِ الشَّرَجِيِّ،أَوْ مِنْظَارِ الْبَطْنِ لِاِسْتِئْصَالِ الْمَرَارَةِ؛فَلَا يُعَدُّ ُ اِسْتِخْدامُهُ مُفَطِّرًا،بِغَضِّ النَّظَرِ عَنْ وَسِيلَةِ إِدْخَالِهِ؛لِأَنَّهُ لَا يَـمُرُّ بِالْمَعِدَةِ . 8- وَمِنَ الْأَحْكَامِ الَّتِي يَنْبَغِي مَعْرِفَتُهَا: أَحْكَامُ الْغَسُولَاتُ كغَسْيل الْكُلَى: إِنْ كَانَ عَنْ طَرِيقِ الأَجْهِزَةِ؛ فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ مُفَطِّرٌ؛ لِوُجُودِ مُغَذّيَاتٍ تُصَاحِبُ الْغَسْلَ ؛ كَسُكَّرِ الْـجُلُوكُوزِ وَغَيْـرِهِ ، وَإِنْ كَانَ الْغَسْلُ بِالْغِشَاءِ البـرُوتِينـِيِّ؛ فَإِنْ كَانَ يُصَاحِبُهُ مُغَذّيَاتٌ- وَهُوَ الْغَالِبُ فِيهِ- فَهُوَ مُفَطِّرٌ. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم(يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم ولعلكم تشكرون) أقول قولي هذا الخطبة الثانية:
عباد الله:ومن الأحكام أيضاً أنه يَـجُوزُ لِلْمُسْلِمِ اِسْتِخْدَامُ الدِّهَانَاتِ عَلَى جِلْدِهِ؛سَوَاءٌ أَكَانَتْ بِزَيْتٍ،أَوْ غَيـْرِهِ مِنْ أَنْوَاعِ الْكِرِيـمَاتِ، َكَمَا يـَجُوزُ لَهُ التَّبَـرُّدُ بِالـمَاءِ،وَالاِسْتِحْمَامُ،وَإِمْرَارُهُ عَلَى جِسْمِهِ؛فَهَذِهِ مِنْ بَابِ أَوْلَى أَلَّا تُعَدُّ مُفَطِّرَةً .
9- كَذَلِكَ يَـجُوزُ لِلْمُسْلِمِ اِسْتِخْدَامُ اللَّصَقَاتِ الطِّبِيَّةِ عَلَى أَجْزَاءِ جَسَدِهِ؛ وَهُوَ صَائِمٌ، وَوَضْعُ مُزِيلِ الْعَرَقِ. كَذَلِكَ يـَجُوزُ لَهُ السِّوَاكُ، وَتَفْرِيشُ الأَسْنَانِ بِالْفُرْشَاةِ وَالـمَعْجُونِ؛ فَإِنَّـهَا لَا تُعَدُّ مِنَ الْـمُفَطِّرَاتِ .
10- كَذَلِكَ يَـجُوزُ لِلْمُسْلِمِ اِسْتِخْدَامُ الْـحُبُوبِ الَّتِـي تُوضَعُ تَـحْتَ اللِّسَانِ، وَيَـحْتَاجُ إِلَيْهَا بَعْضُ الْـمَرْضَى لِوقَايَتِهِمْ مِنَ الْأَزَمَاتِ الْقَلْبِيَّةِ حَيْثُ تَذُوبُ وَتَنْتَقِلُ عَنْ طَرِيقِ الدَّمِ؛ لِعِلَاجِ الْأَزْمَةِ الْقَلْبِيَّةِ، أَوْ الْوقَايَةِ مِنْهَا، وَلَا تَـمُـرُّ بِالْـمَعِدَةِ؛ فَهَذِهِ لَا تُعَدُّ مِنَ الْـمُفَطِّرَاتِ.
عباد الله:كل مَا ذُكر مِنْ أَحْكَامٍ سابقة -فِي غَالِبِهَا- هُوَ مَا تَرَجَّحَ لَدَى الْـمَجْمَعِ الْفِقْهِيِّ الإِسْلَامِيِّ،الَّذِي يَعْتَمِدُ عَلَى بُـحُوثٍ،وَمُنَاقَشَاتٍ،وَمُدَاوَلَاتٍ مِنْ عُلَمَاءَ،مِنْ كَافَّةِ أَقْطَارِ الْأَرْضِ، وَعَلَى رَأْسِهِمْ عُلَمَاءُ هَذِهِ الْبِلَادِ الْـمُبَارَكَةِ.نسأل الله عز وجل أن يفقهنا وإياكم في دينه وأن يرينا الحق حقاً ويرزقنا اتباعه والباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه.هذا وصلوا
الملفات المرفقة
تقديرا لمجهود صاحب البوست او المشاركه فانه لا يمكن مشاهدة الروابط إلا بعد التعليق على البوست In appreciation of the efforts of the owner of the post or participation, the links cannot be viewed until after responding to the post or participation
(27.3 كيلوبايت)