المستقبل
عبدالمجيد قناوي
L’avenir
هناك من يقول: إن هناك مستقبلًا ينشأ، ومستقبلًا نقوم نحن بصناعته.
وهناك من يقول: إنَّ المستقبل الحقيقي يتكوَّن من كليهما.
والشيء الوحيد الذي نعرفه يقينًا فيما يتعلَّقُ بالمستقبل هو أنَّه لا يكون أبدًا مطابقًا لتوقُّعاتِنا.
وهناك من يقول: لا ينبغي أن نثِق في المستقبل، إنَّه ليس جديرًا بذلك.
وهناك من يقول: أنا أعرف المستقبل، هل تريد أن أخبِرَك عن مستقبلك؟
أَطلب منك برجَك، وتاريخ ميلادك (الشمسي)، واسمك واسم والدتك - وسوف أُخبرك بمستقبلك، وما سوف تكون عليه!
••••
أُقيمَت مؤخَّرًا دراسة إحصائيَّة، أجراها أحد الأساتذة في التنمية البشريَّة بينه وبين نفسه، فوجد خلالها: أن التُّعَساء وُلدوا تُعَساء وماتوا تُعساء، ومن لم يمُت تَعِيسًا يعِش عيشة تَعِيسة حتى ولو كان ثريًّا أو ناجحًا في عمله ودراسته، والعكس صحيح!
وكانت النتيجة:
أنَّ الإنسان الذي يَنظرُ إلى الحياة نظرةً كئيبة مُتشائمة - لن يرى إلَّا التشاؤم والكآبة وسوء الحظِّ.
وأن الإنسان الذي يَنظرُ إلى الحياة بتفاؤل وسَعادة - لن يرى إلَّا السَّعادةَ، وسوف يجد السَّعادة وتجده السَّعادة، والجواب بكلِّ بساطة:
أيها الإنسان، أخي، أختي، صديقي، زميلي، أيًّا ما كنتَ، المهم أخي في الآدميَّة، ركِّز معي جيِّدًا واقرأ هذه الآية:
﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء: 10].
••••
لو تنبَّهْنا وجرَّدنا أنفسَنا من كلِّ الوراثات (الموروثات) المختلفة، ومَحَوْنا من أذهاننا كلَّ ما يربطنا بالمكان الذي نعيش فيه والمذهب الذي نَنتمي إليه، ثُمَّ فكَّرْنا - لعرفنا أنَّ هذه المعلومات تشير إشارةً واضحةً وصريحة بأنَّ الذي يُخاطِبُنا، هو عالِمٌ خبير يريد تذكيرنا بأنَّه خالقُنا (هنا نتذكَّر ما قاله الدكتور "فاندويك محمد الهادي" عن هذا الكتاب، ارجع إلى ما كتبناه بتاريخ: 08 فيفري 2016، إلى أول صفحاتنا على موقع الـ Facebook"" نون والقلم).
وهذا الكلام يَلتقي مع روح أيِّ إنسان وعقله، وعواطفِه وأحاسيسه، فينجذبُ إليه ويطمئنُّ ويُحِسُّ بالرَّاحة النفسية التي كان يَفتقدها، وتهتدي إليه فِطرة أيِّ إنسان وتتفق معه.
والآن أترككم مع هذه الآيات للتأمُّل:
﴿ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ * وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُسَمًّى ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ ثُمَّ يُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الأنعام: 59، 60].
ثم اقرأ الآية:
﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الأعراف: 182].
En français:
Verset n° 10: Nous avons assurément fait descendre vers vous un livre où se trouve votre rappel [ou votre renom]. Ne comprenez-vous donc pas ?
Verset n° 59: C'est Lui qui détient les clefs de l'Inconnaissable. Nul autre que Lui ne les connaît. Et Il connaît ce qui est dans la terre ferme, comme dans la mer. Et pas une feuille ne tombe qu'Il ne le sache. Et pas une graine dans les ténèbres de la terre, rien de frais ou de sec, qui ne soit consigné dans un livre explicite.
Verset n° 60: Et, la nuit, c'est Lui qui prend vos âmes, et Il sait ce que vous avez acquis pendant le jour. Puis Il vous ressuscite le jour afin que s'accomplisse le terme fixé. Ensuite, c'est vers Lui que sera votre retour, et Il vous informera de ce que vous faisiez.
Verset n° 182: Ceux qui traitent de mensonges Nos enseignements, Nous allons les conduire graduellement vers leur perte par des voies qu'ils ignorent.
In English:
Verse No. 10: We have certainly sent down to you a Book in which is your mention. Then will you not reason?
Verse No. 59: And with Him are the keys of the unseen; none knows them except Him. And He knows what is on the land and in the sea. Not a leaf falls but that He knows it. And no grain is there within the dark nesses of the earth and no moist or dry [thing] but that it is [written] in a clear record.
Verse No. 60: And it is He who takes your souls by night and knows what you have committed by day. Then He revives you therein that a Verse No. 182specified term may be fulfilled. Then to Him will be your return; then He will inform you about what you used to do. But those who deny our signs - We will progressively lead them [to destruction] from where they do not know.
﴿ كِتَابًا ﴾: القرآن الكريم، ﴿ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ﴾؛ أي: خزائن الغَيب، لا يعلمها إلَّا هو، ومنها: 1- علم الساعة. 2- نزول الغيث. 3- ما في الأرحام. 4- الكسب في المستقبل. 5- مكان موت الإنسان.
﴿ إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [لقمان: 34].
﴿ يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ ﴾: وهو سبحانه الذي يَقبض أرواحَكم باللَّيل بما يشبه قبضها عند الموت (النوم).
﴿ جَرَحْتُمْ ﴾: اكتسبتم، ﴿ يَبْعَثُكُمْ ﴾: يُعيد أرواحَكم إلى أجسامكم باليَقَظة من النَّوم نهارًا بما يشبه الإحياء بعد الموت، ﴿ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى ﴾: لتُقضى آجالكم المحدَّدة في الدنيا، ﴿ مَرْجِعُكُمْ ﴾: معادكم بعد بَعثكم من قبوركم أحياءً، ﴿ سَنَسْتَدْرِجُهُمْ ﴾: سنفتح لهم أبواب الرِّزق ووجوه المعاش في الدنيا، استِدراجًا لهم حتى يغترُّوا بما هم فيه ويَعتقدوا أنَّهم على شيء، ثمَّ نعاقبهم على غِرَّة من حيث لا يعلمون.