لمحات تربوية في حديث إنما الأعمال بالنيات
د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري
عن أمير المؤمنين أبي حفص عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجـر إليه". (رواه إماما المحدّثين: أبو عبدالله محمـد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بردزبه البخاري الجعفي، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج بن مسلم القشيري النيسابوري في صحيحيهما اللذين هما أصح الكتب المصنفة).
الشرح الإجمالي للحديث:
هذا الحديث معيار تصحيح الأعمال الباطنة؛ لذا عده الشافعي وأحمد ثلث العلم، وبدأ به البخاري صحيحه، فالأعمال بالنيات صحة وفسادًا، ولكل امرئ ما نوى ثوابًا وعقابًا، والنية هي قصد الشيء مقترنًا بفعله، وهي التي تتميز العمل، وتحدد رتب العبادات، وتعيين المقصود به، ثم مثل عليه الصلاة والسلام بالهجرة؛ فمن كانت هجرته لله قصدًا ونيةً، فهجرته إلى الله حكمًا وثوابًا، والهجرة ترك ما نهى الله عنه، وقد تكون هجرة عمل، أو عامل، أو بلد.
الفوائد التربوية من الحديث:
1- أن الإخلاص هو استواء السر والعلانية، وهو إسلام القلب لله، ونسيان نظر المخلوق بدوام النظر للخالق، وأول ذلك تنقية القلب من الخواطر الواردات التي تؤثر في إخلاصه، والحرص على إخفاء العمل عن الناس.
2- ومن فطنة العبد أن يستوقف نفسه قبل عمله؛ فيخلصه لله، ويعظم في عمله النية؛ ليعظم له الأجر.
3- يجب الحذر من آفات الإخلاص من رياء وسمعة، ومن عجب، ومن طلب الدنيا بعمل الآخرة، فإن من وقعت هذه الآفات في أصل عمله، حبط عمله كله، وأما ما وقع منها في أثناء عمله حبطت الزيادة التي أدخلها على العمل لغير وجه الله.
4- أشار الحديث إلى أنه من ملهيات الدنيا وشواغلها اتباع الشهوات، وأُكد على هذا المعنى بالخصوص لخطره.
5- ينبغي للمعلم أن يضرب لطلابه الأمثلة التي تثبت لهم فهم القاعدة.