حكمة خلق السماوات والأرض في ستة أيام
السؤال
فضيلة الشيخ: ورد في كتاب الله في عدة مواضع أن الله خلق السماوات في ستة أيام مع أنه قادر على خلقها في لحظة، فما الحكمة، والسبب في ذلك؟ وجزاكم الله خيرا
أجاب عنها: د.عمر بن عبد الله المقبل
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد: فأولاً : يجب على المؤمن أن لا تغيب عنه قضية مهمة ،وهي : أن الله تعالى لا يفعل شيئاً إلا بحكمة، وهذه الحكمة قد يأتي النص عليها،وقد تكون ظاهرة ، وقد تكون خفيّة ،وهو ـ بكل حال ـ مطلوب منه التسليم والانقياد ،خصوصاً في مسائل القضاء والخلق والأمر،إذ لله تعالى حكمٌ وأسرار لا يحيط بها أحدٌ سواه . وكون الإنسان يجهل الحكمة ،فهذا لا يحمله على نفيها، أوالاعتراض على حكم الله القدري والكوني ،فإنه سبحانه "لا يُسأل عما يفعل وهم يسألون". ثانياً : ذكر بعض العلماء ـ من باب التماس الحكمة في ذلك ـ أن يتعلم العباد الرفق والتثبت في الأمور ؛ ولتظهر قدرته للملائكة شيئاً بعد شيء ،وكذلك ليعلموا أن لكل شيء عنده أجلا ، وبيّن بهذا ترك معالجة العصاة بالعقاب ؛ لأن لكل شيء عنده أجلاً . هذا معنى كلام القرطبي في تفسيره للآية (54) من سورة الأعراف ،وذكر نحوه ابن الجوزي ـ عند تفسير الآية ذاتها ـ في كتابه "زاد المسير" ،وزاد :
1 ـ أنه أراد أن يوقع في كل يوم أمراً تستعظمه الملائكة ومن يشاهده.
2 ـ أن التعجيل أبلغ في القدرة، والتثبيت أبلغ في الحكمة ، فأراد إظهار حكمته في ذلك، كما يظهر قدرته في قوله : ( كن فيكون ).
3 ـ أن ذلك الإمهال في خلق شيء بعد شيء، أبعد من أن يظن أن ذلك وقع بالطبع أو بالاتفاق. والله تعالى أعلم وأحكم. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.