العملة الخادعة
ثامر عبدالغني فائق سباعنه
(تعوَّد إمبراطور ياباني أن يستخدم قطعة نقدٍ معدنية يلقي بها قبل كلِّ حرب، فإذا جاءت صورة، فإن ذلك يعني للجنود: النصرَ، وإن جاءت كتابةً فيعني: الهزيمة.
وكان لافتًا للنظر أن الجيش ظلَّ سنوات ينتصر! ومع مرور السنين وعندما اقتربَتْ وفاة الإمبراطور، وبينما هو يُحتضَرُ حضر ابنُه، وطلب منه القطعة النقدية لاستخدامها قبل الحرب، أخرج الإمبراطور القطعةَ وأعطاها لابنه، وبينما الابن يُقلِّب القطعة استغرب؛ فقد كانت القطعة تحمل صورة على الوجهين! فلام والده، وقال له: أتخدعُنا كلَّ هذه السنين؟!
فقال الإمبراطور: لم أخدع أحدًا، فعندما تخوضُ معركة يكون لك خياران؛ إما: النصر، أو الهزيمة، والنصر يتحقَّق إذا فكرت به، ووثقت به).
لا بدَّ لنا من أن نُؤمِنَ بقدراتنا، وإمكاناتنا، وأن نكونَ على ثقة بقدراتنا، وأن ندركَ أن للتصوُّرات والقرارات المسبقة تأثيرًا على عملنا وعطائنا، فإن كانت هذه التصورات سلبية فإن ذلك يدفعنا للسلبية والاستسلام للفشل، بينما إن كانت هذه التصورات والإيحاءات إيجابية، فإن تأثيرَها الإيجابي سينعكس على عملنا وعطائنا؛ لذلك علينا أن نستبدلَ العبارات والتصورات السلبية.
وتأكَّد أنك لن تستطيع أن تحصدَ أيَّ ثمرة ما دمت لم تزرع شيئًا؛ لذلك مطلوب أن يكون في داخلك رصيد يزيد من نقاط قوتك، وليس هنالك أعظمُ من عَلاقتك بربِّ العالمين، لأن الإيمان يكسبنا الثقة والأمان، وهما أهم مقومات التنمية وبناء الذات.
فالإيمان والعَلاقة المتصلة بالله يكونان تنمية للنفس والجسد والعقل؛ وبذلك يكون التكامل بالبناء، ومن ثَمَّ ينعكس ذلك على عطائك وعملك، وكلما كان انتماؤك وإخلاصك للفكرة أو المشروع أكبر، فإن الفكرة ستنتصر، والمشروع سيزهر وينجح؛ لذلك اقهر خوفَك، واهزم شكَّك، وأَطِعْ ربَّك، وأغِظْ شيطانك، واشتعل وكن نورًا وفجرًا يعلن الميلاد الجديد، ولا تستسلم للمثبِّطات، وتذكَّر دائمًا أن الله تعالى يحبُّ الجِدَّ، ويكره الهَزْل، ويدعو للسموِّ والارتقاء كما أخبرنا بذلك رسولنا الكريم: ((إن الله يحبُّ معاليَ الأمور)).
قال الإمام الشهيد حسن البنا: إنما تنجحُ الفكرة إذا قوي الإيمان بها، وتوفَّر الإخلاص في سبيلها، وازدادتِ الحماسة لها، ووُجِد الاستعداد الذي يحمل على التضحية والعمل لتحقيقها.