تاريخ ونشأة المصارف الإسلامية
جابر شعيب الإسماعيل
نحو فهم جديد للعمل المصرفي الإسلامي
تاريخ ونشأة المصارف الإسلامية (2)
يعتبر الكثيرون أنَّ الصيرفة الإسلامية ظاهرة حديثة في حين لم يدركوا أنَّها تُعَدُّ جزءًا لا يتجزأ من النِّظام الاقتصادي الإسلامي ضمن منظومة العقيدة الإسلامية السَّمحاء؛ ولذلك فإنَّ المتتبع تاريخَ ونشأة المصارف الإسلاميَّة يُدرك تلك الأهمية التي حظيت بها هذه المصارف، وجعلتها تُثبت وجودها يومًا بعد يوم، وتنتشر بهذه السرعة الرهيبة.
إنَّ إحياء النظام المصرفي الإسلامي كان سببه الأول تلك الصحوات الإسلامية التي جاءت بعد التحرر من المحتل الغاصب للأراضي العربية.
إضافةً إلى زيادة الموارد المالية لدى أغلب الدُّول الإسلامية، وخصوصًا في ظل الطفرات النفطية المتعاقبة، ويُمكن ملاحظة مراحل النشأة والتطور من خلال ما يلي:
1- مبادرات شخصية فردية.
2- مبادرات من قبل الحكومات.
3- مبادرات ذات طابع دولي.
4- مبادرات شاملة.
1- مبادرات شخصية فردية:
لقد كانت تجربة إنشاء بنوك الادخار المحلية في مصر سنة 1963 أول مُحاولة حقيقية للبدء بالعمل المصرفي بنظام إسلامي، وكانت على يد الدكتور أحمد النَّجار - رحمه الله تعالى - حيث قامت هذه التجربة على أساس المضاربة الشَّرعية، وذلك من خلال تجميع المدخرات الشخصية من الأهالي والقيام باستثمارها بنظام إسلامي، ويقسم الرِّبح حسب الاتفاق المبرم بين الطرفين.
وكانت هناك عدة مُحاولات شخصية في مدينة حيدر أباد، وماليزيا، وباكستان أيضًا.
2- مبادرات من قبل الحكومات:
وذلك من خلال الاتِّفاق المشترك بين الحكومات الإسلامية أو من ينوب عنها؛ وذلك دعمًا لتأسيس وتأصيل العمل المصرفي الإسلامي، وكانت نقطة تحوُّل عظيمة لدعم مسيرة الصيرفة الإسلامية؛ حيث ظهر ما يلي:
أ- البنك الإسلامي للتنمية:
أُنشِئَ البنك الإسلامي للتنمية في عام 1975 في مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية.
وهو مؤسسة مالية دولية للتمويل الإنمائي، وتنمية التِّجارة الخارجية، وتوفير وسائل التدريب، والقيام بالأبحاث اللازمة، وتشارك فيه جميع الدول الإسلامية؛ وذلك لدعم التنمية الاقتصادية والتقدُّم الاجتماعي لشعوب الدول الأعضاء، وَفْقًا لمبادئ الشريعة الإسلامية[1].
ب- الاتحاد الدولي للبنوك الإسلامية:
أنشئ في عام 1977 بمكة المكرمة، وله أمانة عامة في القاهرة، ويهدف إلى تأكيد الطابع الإسلامي، ودعم الروابط والتنسيق بين نشاطات المصارف الإسلامية[2].
3- مبادرات ذات طابع دولي:
تُعَدُّ من أهمِّ المراحل التي أسهمت في تأصيل العمل المصرفي الإسلامي وتحقيق الحلم إلى واقع عملي، وذلك من خلال تأسيس المصارف الإسلامية في أماكن مختلفة في العالم، ونذكر منها:
♦ بنك دبي الإسلامي: أنشئ في الإمارات في عام 1975، ويُعدُّ أول نموذج لبنك إسلامي متكامل.
♦ بنك فيصل السعودي وبيت التمويل الكويتي: 1977.
♦ بنك البحرين الإسلامي: 1979.
♦ مصرف أبو ظبي الإسلامي: 1997.
إضافة للعديد من المصارف الإسلامية الأخرى.
4- مبادرات شاملة:
وذلك للعمل على أسلمة النِّظام المصرفي بأكمله؛ وذلك لإثبات قدرة الاقتصاد الإسلامي أولاً، والمصارف الإسلامية ثانية، على القيام بمهامها وواجباتِها، الأمر الذي دفع العديد من الدول الإسلاميَّة إلى تحويل شامل للعمل المصرفي التقليدي إلى نظام مصرفي إسلامي مُتكامل مثل باكستان، والسودان، وإيران.
ولذلك لا زلنا نرى الازدهارَ الكبير للمصارف الإسلامية، وسرعة الانتشار حتى لم يعد وجودها مقتصرًا على البُلدان الإسلامية فقط، بل نلاحظ افتتاح مصارف إسلامية وفروع لها ونوافذ في أرقى البلدان الغربيَّة، والتي تعتمد على الرِّبا في معاملاتها المالية والمصرفية.
ولذلك؛ فإن عدد المصارف الإسلامية في العالم حتى آذار عام 2008 بلغ (396) مصرفًا في (53) دولة، ورصيد التمويل في هذه المصارف يقدر بـ (442) مليار دولار، بينما بلغ عدد المصارف التقليديَّة التي تقدم منتجات إسلامية بـ (320) مصرفًا، ورصيد التمويل فيها (200) مليار دولار[3].
ــــــــــــ
[1] رقيق: محمد عز الدين أمقران، "دور البنوك الإسلاميَّة في تَمويل المؤسسات الصَّغيرة والمتوسطة"، مذكرة تَخرُّج ليسانس في العلوم التجارية والمالية، المدرسة العليا للتجارة، الجزائر، 2007، ص45.
[2] : نجار: حسن، "المصارف الإسلامية"، من دون دار نشر، 2008، ص12.
[3] : www.biltagi.com