من لقب بالسيوطي الصغير من الأعلام
محمد آل رحاب
الحمد لله وحده، والصَّلاة والسلام على مَن لا نبي بعده.
وبعد:
فإنَّ العلَّامة جلال الدين السيوطي رحمه الله قد بلَغ منزلةً عالية في العِلم والعمل، والتفنُّنِ والتبحُّر والموسوعيَّة، وفي كثرة التآليفِ وغزارة التصانيف، حتى صار مضربَ المثَل فيها.
وأثناء مطالعتي لبعض كتب التاريخ وسيَرِ بعض العلماء، وجدتُ أنَّ مجموعةً منهم قد أُطلق عليهم لقب "السيوطي الصَّغير"، أو شُبِّه بـالإمام "السيوطي"، كما أُطلِق على جماعةٍ من العلماء "الشَّافعي الصغير"، أو "النَّووي الصغير"، أو "مختصر النَّووي"؛ كتلميذه ابن العطَّار مثلًا، فأحببتُ أن أذكر في هذا المقال ما وقفتُ عليه ممَّن وُصِف بذلك من الرِّجال.
• • •
(1)
قال عبدالله بن حسين بن مرعي بن ناصر الدين البغدادي، أبو البركات السويدي المتوفى (1174 هـ) رحمه الله في كتابه "النفحة المسكية في الرحلة المكية"[1] (ص 78) وهو يتحدَّث عن شيوخه:
وممَّن أجازنا بالأثبات والسندات، صاحباي العلَمان المتبحِّران، الصَّالحان النَّاسكان، اللذان أخذا من التحقيق أوفَرَ نصيبٍ، وحازا جميعَ الفنون بالفرض والتَّعصيب، سيدي ذو التصانيف العديدة، والتحاريرِ المفيدة، الملقَّب بالسُّيوطي الصغير، الشيخ أبو بكرٍ جمال الشَّريعة ابن شيخنا محمد بن عبدالرحمن المفتي ببغداد على المذهب الشافعي، رحمهم الله، وأبو بكر هذا أخذ عن الفقير، فصار حديثنا مدَبَّجًا.
وسيدي ذو التحقيق الباهِر، والفهم الذي يتوقَّد توقُّدَ النِّيران في الدياجر، والمحدِّث الأصولي، أبو محمد الشيخ حسين بن عمر الراوي، الملتجئ إلى الحرم المكِّي رحمه الله رحمة واسعة في الدنيا والآخرةِ آمين، وهذا الشيخ حسين قد قرأ عليَّ، فصِرنا معه كالشيخ أبي بكر المتقدِّم.
وقال في موضعٍ آخر ص (259):
صاحبنا ذو التآليفِ العديدة، والتصانيف المفيدة، الملقَّب بلا نكير، بالسُّيوطيِّ الصغير، زين الملَّة والدِّين أبو بكر ابن شيخنا الشيخ الهمام، والعالم العلام، مرشد الطالبين، وشيخ الإسلام والمسلمين، المشهور عند القاصي والدَّاني، بأنَّه ابن حجر الثَّاني، الشيخ محمد بن عبدالرحمن الرحبي المفتي على المذهب الشَّافعي ببغداد دار السلام، لا زالت بأمنٍ وسلام.
وقال محمد بن عبدالرزاق بن محمَّد، كُرْد عَلي، المتوفى (1372 هـ) في كتابه "خطط الشام"[2] (ج 4، ص 53):
وفي دمشق يوسف بن عبدالهادي تـ 909 هـ الفقيه المؤرِّخ صاحب الرَّسائل والكتب الكثيرة في الفنون المختلفة، وهو أشبه بالسُّيوطي في مصر؛ بكثرة تآليفِه، وتنوُّع موضوعاتِه.
[1] طبعة المجمع الثقافي، أبو ظبي عام النشر: 1424 هـ.
[2] نشرته مكتبة النوري، دمشق، الطبعة: الثالثة، 1403 هـ - 1983 م.