هل زوجتي شاذة جنسيًّا؟
أ. محمد الشهراني
السؤال
السَّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته.
لا أعرِف مِن أينَ أبدأ حَديثي؟! لأنَّ قصَّتي متشابكةٌ ومعقَّدة، ولكن أريد في نهاية الأمرِ النُّصحَ والإرْشاد؛ حيثُ إنَّني أخشى على أُسْرتي مِن الشَّتات.
بدايةً: تعرَّفتْ زوجتي على صديقةٍ لها في العمل، وحدَّثتني عنها كثيرًا، وفي يومٍ مِن الأيَّام رتَّبتْ معها زوجتي لقاءً يجمعها هي وزوجها في أحدِ الأماكِن العامَّة، والْتقَيْنا بهما وتعرَّفْنا، وبدأْنا نتبادَل الزياراتِ العائليَّةَ..
لاحظتُ في تلك الآونةِ أنَّ صديقتَها لا يدوم لها صديقة، وحذَّرتُ زوجتي مِن هذا، لكن زوجتي قالتْ: طالَمَا أنَّنا لنا حدودٌ معهم، فهذا لا يَعنينا، ومرَّتِ الأيَّام وتوطَّدت العَلاقةُ بيْن زَوْجتي وصَديقتها، وكانتْ كثيرةَ الزِّيارة لنا بصورةٍ شِبه يَوميَّة، ولاحظتُ أنَّ زوْجتي يَزيد اهتمامُها بها يومًا بعدَ يوم، كما بدأتُ أُلاحِظ تصرُّفاتٍ غريبةً بيْن زوجتي وصديقتها في طريقةِ السَّلام والعِناق والتقبيل، وكانت زوجتي تستغلُّ سفرَ زوجها وتَستأذِنني في المبيت معها؛ بحُجَّة أنها تخاف من المبيت بمُفردها، إلى أن قررتُ أن أقطَع الشكَّ باليقين وطلبتُ مِن زوجتي أن تَقطعَ عَلاقتَها بصديقتها؛ لعدمِ ارتياحي للعَلاقة بها هي وزوجها، ولكن زوجتي رفضتْ وقالتْ لي: إنَّني لا أستطيع أن أُنهِي علاقتي بها، إنَّها صَديقتي! وصلْنا إلى حدِّ الانفصال... ولكن تَمَّ تسوية الوضع عن طريقِ تحديدِ العَلاقة بها، ومرَّتِ الأيَّام وإذا بصديقةِ زوجتي تبدأ في إرسال إشاراتِ إعجابٍ بي، وفي حقيقةِ الأمْر لم أكن متنبِّهًا لذلك، إلى أنْ جاءَ اليوم الذي تَحدَّثنا فيه على الهاتِف وأبدَتْ إعجابَها بي، وأنَّها كانت معجبةً بي منذُ زمنٍ طويل ولكنَّني لم أكُن مدركًا لذلك، ففكرتُ للحظةٍ وقرَّرتُ أن أتجاوبَ معها؛ لمعرفةِ النهاية..
وبدأتْ بيْننا محادثاتٌ طويلةٌ، كانت تُخبرني فيها بأشياءَ كثيرةٍ عن زوجتي، منها أنَّ زوجتي معجبَةٌ بها... وإلى غيرِ ذلك، وأنَّها أكثر مِن مرَّة قرَّرتْ قطعَ علاقتها بها، ولكن هي مستمرَّة في العلاقة حتى تظلَّ بجانبي، وبدأتِ المشاكلُ تظهَر بيني وبين زوجتي التي شعرتْ أنَّ هناك علاقةً بيني وبيْن صديقتِها، وعندما واجهتْ صديقتَها اعترفتْ أنَّنا نتحدَّث على الهاتِف، ولكنَّها لم تُخبِرْها بما أخبرتْني عنها، وقدْ طلبتُ أكثرَ مِن مرة مِن زوجتي قطعَ علاقتِها بها، لكنَّها رفضَتْ، أنا أتصوَّر أنَّ صديقتها لن تتركَنا وشأننا.
أولاً: أريد أن أسأل:
1- هل تُعَدُّ زوجتي شاذةً جنسيًّا لعَلاقتها بصديقتِها؟
2- ماذا يُمكن أن أفعل لإبعادِ زوجتي عن صَديقتِها للحفاظِ على أُسرتي؟
3- في حال رفْضِها الابتعادَ عنها؛ ماذا أفعل؟
أرجو ألاَّ أكونَ قدْ أطلتُ عليكم، ولكن اعلموا أنَّ إجابتَكم سيتوقَّف عليها مصيرُ أُسرة بأكملِها، والله الموفِّق.
الجواب
أيها الأخ الفاضل:
السَّلامُ عليكم ورحمةُ الله وبركاتُه، حيَّاك الله وبيَّاك في شَبكتك شبكة (الألوكة)، وأسأل الله أن يُفرِّج همَّكم، ويُيسِّر أمرَكم، وأن يحفظَ بيتَكم مِن الشَّتات.
قرأتُ مُشكلتَك مراتٍ عديدةً، ويبدو أنَّها متشابكةُ الأطراف ما بيْنك وبيْن زوجتك وصديقتها؛ ونظرًا لطبيعةِ المشكلة، سأتناول ما ذكرتَه أنتَ على شكلِ نِقاط، وأعلِّق عليه:
1. قلتَ: "في يومٍ مِن الأيام رتَّبتْ معها زوجتي لقاءً يجمعها هي وزوجها في أحد الأماكِن العامَّة، والْتقَيْنا بهما وتعرَّفْنا، وبدأنا نتبادَل الزياراتِ العائليَّةَ".
وهنا لا بدَّ لي أنْ أُذكِّرك بخطرِ الاختلاطِ بالنِّساءِ الأجانب، وما يجرُّ مِن مشكلاتٍ ومصائبَ، حتى إنْ كان في وجودِ مَحرَم لها؛ فإنَّ الشيطان يُزيِّن المرأةَ الأجنبيَّةَ للرجل، حتى ليظنّ أنَّ ما تَفرَّق في النساء قدِ اجتمع فيها، فحريٌّ بك أن تتجنبَ هذا الأمر، وتُجنِّبَه أهلك.
2. قلت: "وكانتْ زوجتي تستغلُّ سفرَ زوجها وتَستأذنني في المبيتِ معها؛ بحُجَّة أنها تخاف مِن المبيت بمُفردِها".
وهذا مؤشِّرٌ خطير، وكان عليك مِن البداية منعُه، فالزوجة تبيت في بيتِ زوجِها أو أبيها، أو عندَ إخوانِها أو أخواتِها، إنْ دعتِ الحاجة، أو في حالة الحاجةِ الماسَّة للمبيت عندَ غيرِهم، كالمساعدةِ في حَمْل أو نِفاس أو ما شابَه، أمَّا كونها تبيتُ عندَ صديقتها وزوجها مسافِر؛ لأنَّها تخاف مِن المبيت بمُفردِها، فهذا ليس حلاًّ، بل الحلُّ العلاجُ النفسي مِن الخوف، وليس أنْ تبيتَ معها امرأة أخرى.
3. مكالماتك مع صديقةِ زوجتِك، وهذا أمرٌ يُحسَب عليكَ لا لَك، فليس عُذرًا أنَّك كنتَ تريدُ أن تعرِفَ ما هي النهاية! بل كان مِن المفترَض أنْ تُغلِق الباب، وتُنهي المحادثةَ على الفور، والذي يَبدو أنَّك وقعتَ في حِبالها، وأُعجبْتَ بها؛ فالمحادثاتُ كانتْ طويلةً كما ذكرتَ، وما الذي يُدريك أنَّها لم تكُن تفعل ذلك لتوقِعَ بيْنك وبيْن زوجتك، وأنَّها مِن المحتمل أنَّها ذكرتْ لزوجتك أنَّك تخونها، وأنها ستؤكِّد لها ذلك بالاتِّصال بك؟!
الحلُّ الآن - أخي الفاضل - أن تَجلِسَ مع زوجتِك ومحبوبتِك وأمِّ أولادك جِلسةَ صفاءٍ ومودَّة، وتضعَا النقاط على الحروف، وتقول لها: يا زوجتي، يا حبيبتي، إنَّنا مُذْ تعرفنا على هذه المرأة، وبَيتنا قد تَضرَّر، وأصبحتِ المشاكلُ كثيرةَ الحدوث، وإني أربأُ بك أن تُضحِّي بالبيت وبعلاقتنا الزوجيَّة؛ لأجلِ هذه المرأة، ومِن مِثل هذا الكلام الذي يوضِّح لزوجتِك - بالدليل القاطِع - أنَّ وجودَ هذه المرأة في حياتِكما، سيؤدِّي إلى تدميرِها، طبعًا مع إشباعِ جانبِ الحبِّ والعطف عندَ زوجتك، والذي أظنُّ - فيما يظهَر لي - أنَّها كانتْ تبحَث عنه عندَ صديقتِها المذكورة، وكُن على يقينٍ أنَّ بثَّ الحبِّ والعطفِ والحنان لزوجتِك، سيجعلها طوعَ يدِك، ولن ترفضَ لك طلبًا مع السعيِ الشديد في إقناعِها.
بالنسبة لسؤالك الأوَّل، وهو: هلْ زوجتك شاذَّة؟
فأقول: مَعَ ما ذُكِر يظلُّ الأمر محتملاً، ولكن هذه القرائن وحدَها لا تَكفي للحُكم، والأصل في المسلِم البراءة، واتِّهام المرأةِ بالشذوذِ اتِّهامٌ كبير وعظيم، لا يكون بمِثل هذه القرائن فقط، بل يحتاج أمورًا أخرى أكثرَ وضوحًا وصراحةً.
دُمتَ في حِفظِ الله ورِعايتِه.