كيف يستقبل المسلمون شهر رمضان
الأستاذ عدنان كاتبي
ما إن يهلّ هلال شهر رمضان المبارك، حتى تمتلئ القلوب المؤمنة بفيض من الروحانية، وتكسى النفوس حلة من الجلال، فتصفو النفوس المؤمنة من أدران البشرية، ونزاعات الهوى الشيطانية، التي تكاد تأتي على البشرية لتودي بها، وتطوّحها في موطن الهلاك، وهكذا يقبل شهر رمضان، ليجدد للإنسانية حياتها، ويكسبها ذلك السمو الروحي ويضفي عليها الهالة الإيمانية، والروعة والجلال، ويلبسها حللاً من التقوى والكمال الروحي والأخلاقي، فإذا بهذه النفوس الطاهرة تهلل فرحاً واستبشاراً بقدوم هذا الشهر الكريم، لأنها تحس بنوره يشرق على الدنيا، وينير الكون، ويمسح غشاوات صفيقة رانت على القلوب، فاستحالت إلى ظلمات كثيفة، استبد بها المقام فيها شهوراً طويلة.
يقبل شهر رمضان، فتهلّل الأرواح فرحاً بقدومه، لأنها تستشعر فيه الخير يعم البشرية جمعاء، والرضا يرفعها إلى مقام الأنبياء والصالحين ويسمو بها عن ذميم الخصال، ويحجبها عن الرذائل والدنايا، فتستبدل الروحانية والشموخ والصبر والرقة، بالترابية والضعة والخسة والعنفوان، وترتقي في أخلاقها ورغباتها إلى أن تصل إلى أسمى معاني الكمال وأحمد الخصال وأرفع أنواع السلوك البشري.
كيف يستقبل المسلمون شهر رمضان ؟!
يقبل شهر رمضان، فيستقبله المسلمون بالفرح والسرور، لأنهم يدركون ما يمنحهم هذا الشهر العظيم من تربية أخلاقية وسلوكية، تجعل الصائم قوي الإرادة، وتزرع فيه الصبر والصلابة، وقوة التحمل، وحب الناس، ورعاية الضعفاء والمساكين، ومساندة الحق، والوقوف إلى جانب المحتاج، وتقوي فيه روح المحبة، والمودة للناس جميعاً، فينعم الفقراء والضعفاء بهذه الروح التي سيطرت على قلوب الصائمين، فراحوا يلبون نداء الله، فيؤدون حقه لهؤلاء المحتاجين، ويكفونهم مؤونة الحاجة ويغنونهم عن ذلّ السؤال، بعد أن قتل هذا الشهر العظيم في نفوسهم حبّ الأثرة والاستعلاء، والغلّ والكبرياء التي كانت حاجزاً دون الود والمحبة والتعاطف بين أبناء البشر جميعاً.
بهذه المعاني العظيمة، كان سلفنا الصالح يستقبلون شهر رمضان، وهذه بعض معالم منهجهم في استقبالهم لهذا الشهر المبارك.