التقليد وبراءة الذمة
إبراهيم بن محمد قاسم رحيم
السؤال:
هل إذا قلَّد العامي عالماً ما تبرأ ذمته بذلك؟
أم أنه لا بد له أن يقوم ببحث خاص؟
ثم إذا قلد عالماً من علماء الضلال يكون آثماً بذلك أم لا؟
ثم نود أن تبينوا لنا حكم التقليد بصفة عامة، وحكم التقليد في العقيدة بصفة خاصة.
وجزاكم الله خيراً.
الجواب:
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
مما لا شك فيه أن الله سبحانه فاوت بحكمته بين العباد، ولم يوجب على الجميع التوجيه إلى نشاط معين؛ ليتحقق بذلك الاستخلاف في الأرض وعمارتها، وأحكام الشريعة منها ما يكون تعلمه واجباً عينياً على كل مسلم مكلف، وذلك في أمور العبادات، وما يتوقف عليه صحتها، وما يحتاج إليه في تعامله، وبقية أحكام الشريعة على سبيل فرض الكفاية، والعامي لا شك أنه لا يمكنه الاستنباط والاجتهاد، ففرضه التقليد، ولكن يقلد من هو أتقى منه، وأشد ورعاً وعلماً، ويمكنه أن يعرف ذلك بالتحري، كما أنه في أمور دنياه يتحرى، فأمور دينه يجب عليه فيها التحري أكثر.
وفي هذا العصر اختلطت الأمور، وكثرت مصادر الفتوى؛ ولذلك لا بد من سلوك سبيل الاحتياط والبعد عن الشبهات، وإذا اختلفت الفتوى لديه وكان كل من المفتين على درجة واحدة، أو متقاربة، فإنه يأخذ بالأحوط، ولا بأس أن يطلب دليلاً أو مرجحاً يعتمده في العمل بأحد القولين.
وأما إذا كان المستفتي من علماء الضلال كما قال السائل، فلا يجوز العمل بقوله، ولا أخذ فتواه، ولو وافقت الدليل؛ لأن كونه من علماء البدعة أو الضلال موجب لرد قوله، وقد حذر علماء السلف من الأخذ عن علماء البدعة والضلال؛ لأن في الأخذ منهم إظهاراً لشأنهم، وإعلاماً بهم، وهذا مخالف لما دلت عليه النصوص.
أما مسائل العقيدة فقد ذكر العلماء أنها مما لا يدخل في مجال التقليد، بل يجب فيها معرفة الحق بدليله، وهي ظاهرة، وما استقر عليه أهل السنة والجماعة مما يجب اعتقاده في الإلهيات أو النبوات أو السمعيات، وكله مدون بأسلوب واضح سهل، ولله الحمد، والسؤال المذكور يتطلب تفصيلاً أكثر ويمكن للسائل الرجوع إلى كلام لابن القيم في إعلام الموقعين.
والله أعلم.