الرؤية الاستراتيجية وراء مشروع المونوريل وأهداف الحكومة منه ( خاص)

أكد الدكتور أحمد شعراوي، الخبير في الإدارة الاستراتيجية والحوكمة والتميز المؤسسي والتنمية المستدامة، أن مشروع المونوريل يمثل خطوة بارزة ضمن التحول الاستراتيجي الذي تتبناه مصر لتعزيز بنية النقل المستدام، موضحا أن هذا المشروع الهام يستهدف تحسين حركة النقل الجماعي ويمثل نقلة نوعية في هذا المجال، ومع ذلك، يحتاج المشروع إلى دراسة مستفيضة من خلال التخطيط الاستراتيجي والحوكمة والجدوى الاقتصادية وأهداف التنمية المستدامة لضمان تحقيق أعلى عائد ممكن على الاستثمار.

خلال تصريحاته لموقع “الجارديان مصر”، أوضح شعراوي الرؤية الاستراتيجية وراء مشروع المونوريل وأهداف الحكومة منه، مشيرا إلى أن مشروع المونوريل ليس مجرد وسيلة نقل جديدة، بل جزء من رؤية متكاملة تهدف إلى تحقيق مجموعة من الأهداف:

أولاً: التخفيف عن شبكة النقل الحالية
تعاني القاهرة من ضغط كبير على شبكة المترو، التي تستقبل أكثر من أربعة ملايين راكب يومياً مما أدى إلى تشبع بعض الخطوط بنسبة تتجاوز 200% من قدرتها التصميمية.

المونوريل صُمم ليكون إضافة تدعم هذه الشبكة لا منافسًا لها، من خلال تخفيف الضغط عن القطار الكهربائي وخطوط المترو، وتوفير وسائل ربط فعّالة بين المدن الجديدة مثل العاصمة الإدارية والمناطق الحيوية مثل مدينة نصر.

إضافة لذلك، يسعى المشروع إلى تقليل الاعتماد على المركبات الخاصة، وبالتالي تخفيف الزحام المروري على الطرق الرئيسية مثل محور صلاح سالم والطريق الدائري.

ثانيًا: تحسين جودة الحياة
المونوريل يسهم في تحسين حركة المواطنين اليومية خصوصًا في المناطق التي تعاني من نقص الوسائل العامة للنقل.

كما يهدف إلى تقليل زمن الرحلات بنسبة تصل إلى 60% في بعض المحاور، مما يُحقق زيادة في إنتاجية الأفراد والشركات، إذ تشير بيانات البنك الدولي إلى أن الوقت المهدور في الزحام يكلف الدول النامية حوالي 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنويًا.

ثالثًا: تعزيز الربط مع الموانئ والمناطق الاقتصادية
يعد المشروع جزءًا من رؤية أوسع تسعى لربط المناطق الصناعية والموانئ الحيوية مثل ميناء السخنة والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس بشبكة متعددة الوسائط للنقل

هذا الربط يساعد في نقل البضائع والعمالة بفعالية ويوفر دعمًا استراتيجيًا للتجارة والاستثمار بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 لتحويل البلاد إلى مركز لوجستي عالمي.

من جهة أخرى، تناول الدكتور شعراوي التخطيط الاستراتيجي اللازم لضمان نجاح المشروع، لـ “الجارديان مصر” في هذه النقاط:

أولًا: الجدوى الاقتصادية والتمويل
بلغت تكلفة المشروع أكثر من 2.7 مليار دولار بتمويل مشترك من تحالف ألماني مصري، ويتطلب ذلك ضمان استرداد الاستثمار من خلال مصادر متنوعة مثل رسوم التشغيل والإعلانات والتنمية العقارية المحيطة بالمحطات.

كما يجب تخفيف الضغط على الموازنة العامة من خلال الشراكات مع القطاع الخاص لتشغيل وصيانة المشروع.

ثانيًا: التميز المؤسسي والحوكمة

يُفضل أن يعمل المشروع وفق نموذج شركة مساهمة لضمان الشفافية المالية والكفاءة التشغيلية عبر مؤشرات أداء واضحة مثل الالتزام بالمواعيد ورضا المستخدمين، مع تقديم تقارير دورية للمواطنين لتعزيز المساءلة المجتمعية.

ثالثًا: الاستدامة البيئية والاجتماعية
تشغيل المونوريل بالكهرباء يجعله أقل تأثيرًا سلبيًا على البيئة بنسبة تصل إلى 70% مقارنة بالحافلات التقليدية. ويمكن دمج محطات تبادلية مع خدمات التنقل الأخضر مثل الدراجات الكهربائية لتحقيق تأثير إيجابي أكبر.

أشار شعراوي أيضًا إلى الدروس المستفادة من التجارب الدولية، مثل نجاح مشروع دبي بفضل تركيزه على السياحة وتكامل النقل مع التخطيط العمراني في سنغافورة، بينما فشل مشروع مترو لاجوس في نيجيريا بسبب ضعف التخطيط المالي.

وفي ختام حديثه، قدم شعراوي مجموعة من التوصيات لضمان نجاح المشروع:
– إعادة تقييم أولويات التمويل بين بناء خطوط جديدة أو تطوير الخطوط القائمة.
– تعزيز الشفافية ونشر دراسات الجدوى الكاملة للمواطنين.
– التركيز على الربط بالموانئ والمناطق الاقتصادية.
– اعتماد الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية لتشغيل خطوط المونوريل بهدف تحقيق استدامة كاملة.

وأكد شعراوي أن مشروع المونوريل يجب رؤيته كأداة لتحقيق التنمية وليس هدفًا بحد ذاته. ولن يُكتب لهذا المشروع النجاح إلا إذا استطاع تحقيق الربط الحقيقي بين المناطق السكانية والثروات الاقتصادية، منوها أن مصر أمام فرصة تاريخية لتحويل المونوريل إلى نموذج عالمي، لكن بشرط التخطيط العلمي، والحوكمة الرشيدة، والشفافية.

  • نوران الرجال

    نوران الرجال عضو لجنة النقل البحري بالجمعية العمومية العلمية للنقل و عضو لجنة التجارة والصناعة بحزب الدستوريين الأحرار و صحفية في دار الهلال ومؤسسة برنامج الكنز في الصندوق و ما لا تعرفه

    Related Posts

    رفع سعر البنزين بدءا من صباح اليوم الجمعة .. سعره بأنواعه الثلاثة

    قررت لجنة التسعير التلقائي للمنتجات البترولية زيادة أسعار البنزين والسولار بمقدار 2 جنيه اعتبارًا من صباح يوم الجمعة 11 أبريل. و تم رفع أسعار البنزين بأنواعه الثلاثة لتصبح كالتالي: أسعار…

    أبو نار: الحل الأمثل في الفترة الحالية هو دفع عجلة التكامل الاقتصادي بين الدول ( خاص)

    قال الدكتور محمد أبو نار، الخبير الاقتصادي، إنه في إطار تسع جولات من التفاوض، كانت البداية الفعلية عام 193،  الجولة التي عُقدت خلال سبع سنوات، شهدت تركيزًا على الولايات المتحدة…

    اترك تعليقاً

    لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *