نظمت دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري الإماراتية إفطارا جماعيا بمشاركة ممثلين من 6 طوائف دينية مقيمة بالبلاد، السيخ والبهرة والهندوس والبوذية واليهودية والكنيسة القبطية المصرية.
وقد أثارت المبادرة جدلا في الإمارات بين الداعمين للفكرة والرافضين لها. فبينما اعتبر البعض أن فكرة الإفطار تهدف إلى التسامح ونبذ العنصرية، رأى آخرون أن هذه الخطوة “تعد محاولة لتوثيق العلاقات مع إسرائيل على حساب المجتمع الإماراتي”.
مبادرة الإفطار
وأكد الدكتور حمد الشيباني، مدير عام دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري، أن “هذه المبادرة هي الأولى من نوعها على مستوى الدولة ودول الخليج العربي، وترفع شعار الأخوة الإنسانية”.
وأفاد الشيباني أن الدائرة قررت أن تقيم مبادرة “إفطار دبي” يوم الأحد الثاني من شهر رمضان من كل عام، “لتكون مبادرة سنوية تكون بمثابة لقاء للإخوة الإنسانية”.
المشاركون في الإفطار، وبحسب صحف إماراتية محلية، أكدوا أن تلك مبادرة “تمثل نموذجاً للتسامح والإخوة الإنسانية وقبول الآخر … وهو ما يحتاج إليه العالم خاصة في ظروفه الراهنة التي تشهد الكثير من النزاعات والصراعات”.
المشاركون في الإفطار، وبحسب صحف إماراتية محلية، أكدوا أن تلك مبادرة “تمثل نموذجاً للتسامح والإخوة الإنسانية وقبول الآخر … وهو ما يحتاج إليه العالم خاصة في ظروفه الراهنة التي تشهد الكثير من النزاعات والصراعات”.
وفي المقابل، انتقدت المعارضة الإماراتية الخطوة، ووصفتها بـ”محاولة للتطبيع الاجتماعي مع إسرائيل واختراق المجتمع الإماراتي وإجباره على استضافة إسرائيليين على أرض الإمارات”.
“نموذج للتسامح”
“الحدث يمثل خطوة من ضمن الخطوات لتعزيز مسار التسامح والإخوة الإنساني”
هذا ما أكدته د. رشا الجندي، كبيرة الباحثين بمركز دبي للأبحاث، لبي بي سي والتي لفتت إلى أن “مسار التسامح الذي تسلكه الإمارات لم يبدأ باستضافة جميع هذه الطوائف الدينية، ومن بينها حاخام يهودي، ولكنه موجود منذ أمد بعيد في الدولة”.
وأشارت إلى أن “الدولة تستضيف السيخ والهندوس وغيرهم واليهودية ما هي إلا جزء جديد ضمت لهذه المجموعة بعد توقيع الاتفاق الإبراهيمي، وبالتالي الأمر لا يتعلق فقط بالاتفاق الإبراهيمي كاتفاق سياسي ولكن يتعلق أيضا بفكرة التسامح التي تروج لها الإمارات وفكرة تحييد أي عنصر للكراهية”.
وقالت الجندي: “الانتقادات تتعلق بالشق السياسي بعد تواجد حاخام يهودي في أي حدث في الدول العربية، وهي تتعلق بمشكلة العرب مع إسرائيل والقضية الفلسطينية، ولكن مأدبة الإفطار تتعلق بالتسامح الديني والمسلمون لم يكن أبداً ولن يكون لهم مشكلة مع اليهود أو أي ديانة سماوية”.
وأكدت الجندي أن “دمج الأمرين في مأدبة الإفطار هو جزء من انتقاد الاتفاق الإبراهيمي نفسه”، داعية إلى عدم تحميل الحدث أكبر من حجمه.
وأوضحت أنه “لا حاجة للإمارات لاستخدام المأدبة للتطبيع مع إسرائيل لأنها بالفعل مطبعة مع إسرائيل على جميع المستويات: السياسية والاقتصادية والثقافية والتبادل الفكري، وبالتالي هي لا تحتاج إلى غطاء لذلك”.
ووصفت الانتقادات بـ”الخطابية” و”البعيدة عن الواقع”، لأن الإمارات لم تخف أنها تريد مد التطبيع مع إسرائيل وتوثيق العلاقات بين البلدين”.
وختمت الجندي بالقول إن “جميع الانتقادات التي تريد تغيير موقف الإمارات من إسرائيل بأي شكل غير واقعية”، ولفتت إلى أن الإمارات “تحتاج إلى توثيق العلاقات مع إسرائيل لمواجهة “الخطر الإيراني” خاصة في حال توقيع الاتفاق الأمريكي مع إيران وإزالة الحرس الثوري من قائمة الإرهاب”.
“محاولة اختراق”
في المقابل، أكد المعارض الإماراتي أحمد الشيبة لبي بي سي أن “الشعب الإماراتي من كبار داعمي التسامح والتعايش مع الجميع، ولكن ما حدث خطوة جديدة لإجبار الشعب الإماراتي ومحاولة لاختراقه على ما يسمى بالتطبيع الاجتماعي مع إسرائيل”.
وبحسب الشيبة، فإن “الادعاء بأن القضية هي التسامح بين الأديان، هي محاولة للضغط على الشعب الإماراتي، وإظهار موافقته على التطبيع مع إسرائيل التي تعتدي يومياً على المقدسات الإسلامية في فلسطين وتتمنى أن تتقبلها جميع الدول العربية حتى يسقط الحق الفلسطيني”، على حد وصفه.
وأضاف أن هذه الخطوة “محاولة لإبعاد المجتمع الإماراتي عن محيطه العربي والإسلامي، وأنها بعيدة تماماً عن التعايش مع الآخرين والغرض الحقيقي من وراءها هو التطبيع”، مضيفا أن “ما تفعله الحكومة الإماراتية من حبس نشطاء الرأي الإماراتيين في المعتقلات ينسف ادعاءاتها بتعزيز التسامح مع الآخر”.
واعتبر الشيبة أن “إجبار الشعب على هذه الخطوة واستضافة من وصفهم بـ”محتلي فلسطين” ممارسة غير مقبولة”، مشيرا إلى أنه “مع الحق سواء كان فلسطينياً أم غير فلسطيني، ولكننا لا نقبل الاعتداء على آمنين”.
وأضاف أن “التساهل في دخول الإسرائيليين إلى الإمارات يقابله تشدد في دخول العديد من الجنسيات العربية”.
وأكد الشيبة “اعتراضه على جميع الاتفاقات التي أبرمت بين الجانبين الإماراتي والإسرائيلي منذ التوقيع على الاتفاق الإبراهيمي عام 2020”.
جدل عبر مواقع التواصل الاجتماعي
الجدل الدائر على خلفية مأدبة الإفطار، ليس في الدوائر السياسية فحسب ولكنه امتد إلى منصات التواصل الاجتماعي.
إذ أعرب فريق من المغردين عن رفضهم لما حدث. فقال حساب يطلق على نفسه اسم “المقاطعة” أن “التطبيع وصل إلى دائرة الشؤون الإسلامية في دبي”.
فيما انتقد موقع “الإمارات71” قدوم الحاخام الإسرائيلي ليفي دوشمان، ممثل الجالية اليهودية في دبي، إلى المأدبة.
كما تساءل آخرون عن ما إذا كانت هذه الخطوة “مقدمة لتقبل الاتفاق الإبراهيمي”.
مبادرة “لنبذ العنصرية”
في المقابل، قالت مغردة إن “المبادرة ترسخ مبدأ الوسطية والحكمة والتسامح وتنبذ العنصرية”.
كما قالت هاجر الكعبي، إن المبادرة “صورة راقية للتعايش بين الأديان”.
فيما أعربت مريم المزروعي عن “سعادتها بمبادرة وطنها”.
ما هو الاتفاق الإبراهيمي؟
-
الاتفاق الإبراهيمي هو الاسم الذي اختير عنوانا لاتفاقية السلام بين الإمارات وإسرائيل برعاية الولايات المتحدة عام 2020
-
الاتفاقية التي وقعتها الإمارات والبحرين، والتي وصفها البعض بالتاريخية، تنص على تعزيز التعاون في كل المجالات
-
الإمارات هي أول دولة خليجية تقيم العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل، إذ وقعتا على اتفاقات تعاون في جميع المجالات، كما تضمنت زيارات رسمية لمسؤولين رفيعي المستوى من الجانبين
-
سمي الاتفاق بالإبراهيمي تيمناً بالنبي إبراهيم، وهو نبي مشترك للديانات الإبراهيمية التوحيدية الثلاث، بهدف ترسيخ السلام والعلاقات الدبلوماسية والتجارية، وتطبيع العلاقات الثنائية بين إسرائيل، والإمارات، ومعهم البحرين
-
وكانت مصر والأردن قد سبقتا الإمارات في هذا المجال، إذ وقعت مصر اتفاقية سلام كامب ديفيد مع إسرائيل في عام 1978، فيما وقعت الأردن معاهدة وادي عربة في عام 1994